الدليل الأول: أن رب المال دفع الأرض للمساقي أو المزارع ليعمل بنفسه، ودفعه لغيره بلا إذن يخرجه عن كونه مساقيًا ومزارعًا وعاملًا.
الدليل الثاني: أنه بذلك يوجب في الأرض حقًا لغير مالكها، ولا يجوز إيجاب حق في مال إنسان بغير إذنه، وفيه ضرر على رب الأرض.
المناقشة: أن المساقي سيعطي الطرف الجديد من حقه في العقد الأول وليس من نصيب رب الأرض.
الدليل الثالث: أنه عاملٌ في المال بجزءٍ من نمائه فلم يجز أن يعامل غيره فيه، قياسًا على المضارب.
المناقشة: أن المضاربة تخالف المساقاة والمزارعة بأن العامل فيها مقصودٌ؛ لتفاوت العاملين في التجارة وما إليها، أما فيهما فالمقصود هو العمل أيًا كان العامل.
الجواب: عدم التسليم فالتفاوت فيهما بالنظر للعامل موجودٌ تمامًا كوجوده في المضاربة.
أدلة القول الثالث: يستدل لهم على المنع بما استدل به أصحاب القول الثاني، وعلى الجواز إذا قال له: اعمل برأيك، ومن باب أولى إذا أذن له أن يساقي غيره أو يزارعه بأن ذلك تفويض له أن يعمل برأيه، ومساقاته لغيره أو مزارعته لغيره يدخل في العمل برأيه.
الترجيح
الراجح عدم جواز مساقاة المساقي ولا مزارعة المزارع بدفع الأرض لآخر إلا بإذن المالك صريحًا أو حكميًا.
أسباب الترجيح:
١. الأدلة آنفة الذكر.
٢. أنه موافق لمقاصد الشريعة من حيث قطع النزاع وحفظ المال وعدم التصرف في مال الآخرين بغير إذنهم.
٣. أن مزارعة المزارع ومساقاة المساقي دائرة بين مؤاجرة الأجير أجيرًا -وسبق ترجيح جوازه- وبين مضاربة العامل -وسبق ترجيح منعه-، وهو بالثاني أشبه؛ لأن المزارعة والمساقاة من المشاركات وليستا من المؤاجرات، كما تقرر؛ ولأن سلطة الشريك العامل في عقد المضاربة