للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحق هو الواجب.

المناقشة: حمل الحديث على هذه الصورة، ويبقى حكم الأصل على عدم الوجوب؛ جمعًا بين الأدلة.

الترجيح

الراجح أن العارية مستحبة، ويعرض لها الوجوب، كما في الحالات المذكورة في القولين الآخرين؛ لأنها مقيدة بما يخرجها عن حال الأصل، لا سيما وقد قال الروياني: (وكانت واجبة أول الإسلام؛ للآية السابقة ثم نسخ وجوبها وصارت مستحبة) قال في "مغني المحتاج": (أي أصالةً) (١).

سبب الترجيح: أن في هذا توفيقًا وجمعًا بين الأدلة.

المطلب الثاني: حكم إعارة المعار.

تحرير محل النزاع:

اتفق العلماء على جواز إعارة المستعير للعارية إذا أذن له المعير (٢)، وعلى عدم جواز إعارة المستعير للعارية إذا منعه المعير من ذلك (٣)، واختلفوا في إعارة المستعير للعارية في حال الإطلاق على أقوال:

القول الأول: إذا أعاره وأطلق جاز للمستعير أن يعير غيره سواء كان المعار مما يختلف باختلاف المستعمِل أو لا، وإذا قيد الإعارة بأن ينتفع المستعير بنفسه فله أن يعير إذا كان لا يختلف باختلاف المستعمل، وهو قول الحنفية (٤).

بيان هذا القول: إذا كان المعار يختلف باختلاف المستعمِل كإعارة السيارة أو الدابة ليركبها وقال للمستعير: لا يركبها غيرك فليس له أن يعير، وفي غير هذه الحالة له أن يعير.

القول الثاني: يجوز إعارة المعار، وهو قول المالكية (٥).


(١) ٢/ ٣٤٠.
(٢) مغني المحتاج ٢/ ٣٤١، نهاية المحتاج ٥/ ٨٨، المغني ٧/ ٣٤٨، الإنصاف ١٥/ ٩٧ وقال: (محل الخلاف إذا لم يأذن المعير له، فأما إن أذن له فإنه يجوز قولًا واحدًا، وهو واضح) يحتمل قولًا واحدًا في المذهب، أما الحنفية والمالكية فالأصل عندهم جواز إعارة المعار كما سيأتي -إن شاء الله-.
(٣) درر الحكام ٢/ ٣٦٧ وجعلها من فروع قاعدة (لا اعتبار للدلالة في مقابلة التصريح)، مواهب الجليل ٧/ ٢٩٧، الفواكه الدواني ٢/ ٢٦٣، أما الشافعية والحنابلة فالأصل عندهم المنع من إعارة المعار كما سيأتي -إن شاء الله-.
(٤) بدائع الصنائع ٦/ ٣٤٠، نتائج الأفكار ٧/ ١٠٦ - ١٠٧، مجمع البحرين ص ٤٨٥، مجمع الضمانات ١/ ١٦٤، وقارن بالروض المربع (تحقيق المشايخ) ٧/ ١٧٩، والتقييد ليس مثل التصريح بالمنع.
(٥) مواهب الجليل ٧/ ٢٩٧ - ٢٩٨، الفواكه الدواني ٢/ ٢٦٣، حاشية الدسوقي ٣/ ٤٣٣، بلغة السالك ٢/ ٢٠٥، والمالكية يوافقون الجمهور فيما إذا منع المعير من الإعارة، وليس كما في تحقيق المشايخ للروض المربع: (الجواز مطلقًا).

<<  <   >  >>