للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المناقشة: أن المتورق لم يربح في السلعة، بل باعها بخسارة.

الجواب: أن سعر السلعة في البيع بالثمن الحاضر أقل من سعرها في البيع بالآجل، وربح كل شيء بحسبه، وعلى كلٍّ لا خلاف في أنها لم تدخل في ضمانه.

الدليل الخامس: قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تبع ما ليس عندك» (١)، والمتورق يوكل المصرف في بيع ما ليس عنده.

المناقشة: أن التوكيل ببيع ما سيملكه جائز، وليس فيه بيعٌ لما لا يملكه، ثم متى حصل الملك جاز للوكيل أن يبيع كما للأصيل.

هذا الحكم على واقع العقد في الوقت الحاضر، وذهب بعض الباحثين إلى الجواز بشروط وضوابط تنتفي معها المحظورات السابقة (٢).

المطلب الثاني: حكم تورق المتورِّق (إعادة التورق).

صورة المسألة: من احتاج نقدًا فاشترى سلعةً بالآجل، بقصد بيعها بثمن حال، فهل له أن يشتري سلعةً أخرى من البائع الأول أو من غيره بأجل جديد ويبيعها على غير البائع الأول بثمن حالّ أيضًا؟

ومن المسائل المتعلقة بالتورق وقد تشتبه بهذه المسألة مقلوب التورق، ويسمى المرابحة العكسية، وليس هذا محل بحثه؛ لأنه ليس من شرط البحث (٣).

الحكم:

لإعادة التورق حالتان:

الأولى: ألا يكون سبب التورق الثاني الحصول على نقد من الدائن الأول لسداد الدين الأول والاستفادة مما يبقى من النقد، مثاله: شخص أراد أن يتزوج فأجرى عملية تورق مع


(١) سبق تخريجه ص ٥١.
(٢) في فقه المعاملات المالية والمصرفية المعاصرة لنزيه حماد ص ١٧٨ - ١٨٥، وفهم بعضهم الإباحة من فتوى للشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - أنه سئل عن رجل استدان من آخر، ولما قبض المستدين البضاعة منه استقرض من التاجر بقدر ثمن البضاعة أو أكثر أو أقل، ثم بعدئذ أمر المستدين التاجر أن يسلم البضاعة لمحرج يبيعها، نظراً إلى أنه في بلد نائي عن بلد التاجر، وكان الدافع أن يستقرض قبل بيع البضاعة هو حاجته العاجلة، ثم بعد البيع يأخذ التاجر قيمة البضاعة تسديداً للقرض الذي أقرضه المستدين. فما حكم هذا النوع؟ فقال: (العقود التي ذكرتم من البيع والقرض والوكالة صحيحة) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ٧/ ٦٤، ولكن المعنى الذي لأجله منع من التورق المصرفي منتف عن هذه الصورة، فالملك والقبض حاصل، والسلعة داخلة في ضمان المتورق، مع انتفاء التواطؤ -كما هو ظاهر الحال- على التوكيل في البيع الذي يؤول بالعقد إلى الصورية، والله أعلم.
(٣) ينظر فيه قضايا في الاقتصاد والتمويل الإسلامي ص ٤٣٧.

<<  <   >  >>