للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِرٌّ، وقوله -تعالى-: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} الحج: (٧٧) وهي خير، ونحو ذلك من النصوص الدالة على المعروف) (١).

وأما السنة فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مطل الغني ظلم وإذا أتبع أحدكم على مليءٍ فليتبع» (٢)، وفي رواية: «مطل الغني ظلم ومن أحيل على مليءٍ فليحتل» (٣)، وأما الإجماع فقد حكاه غير واحد (٤)، وقال في"المبدع"و"كشاف القناع": (ولا عبرة بمخالفة الأصم) (٥).

المطلب الثاني: حكم إحالة المحال.

صورة المسألة: إحالة المحال له احتمالان كلاهما مراد:

الأول: أنه من باب إضافة المصدر إلى فاعله، فالمحال يحيل دائنه على دين الحوالة، وصورتها حينئذٍ: أن يكون لصالح دينٌ على الطرف الأول وعلى صالح دين للطرف الثاني، فصالح دائن للأول مدين للثاني، فيطالب صالحٌ الأولَ بدينه فيحيله على طرف ثالث، فبذلك ثبت دين صالح بالإحالة في ذمة الثالث، فيجيء الطرف الثاني ويطالب صالحًا بدينه فيحيله صالح على الطرف الثالث، فالمحال-وهو صالح- أحال دائنه على دين الحوالة، فهو محال محيل.

الثاني: أنه من باب إضافة المصدر إلى مفعوله، فالمحال عليه يحيل المحال، وصورتها حينئذٍ: أن يكون لصالح دينٌ على زيد فيحيله زيد على حسنٍ، فيحيله حسنٌ على ثالث، وهكذا، فهنا حصلت الإحالة لصالح مرارًا فهو محال من ذمة إلى ذمة في كل مرة.

ومن الصور المعاصرة لإحالة المحال بالمعنى الأول تظهير الشيك إذا كان المظهر إليه دائنًا للمظهر، وذلك أن الشيك يحرره الساحب -وهو محيل- إلى المصرف المسحوب عليه -وهو محال عليه- لدفع مبلغ لحامله وهو المستفيد-وهوالمحال-، فإذا قام المستفيد بتظهير الشيك-


(١) ٩/ ٢٤١.
(٢) رواه البخاري، كتاب الحوالات، باب في الحوالة ... (٣/ ٩٤) (ح ٢٢٨٧)، ومسلم، كتاب البيوع (٥/ ٣٤) (ح ٤٠٠٢).
(٣) رواه أحمد (١٦/ ٤٨) (ح ٩٩٧٣)، وابن أبي شيبة (١١/ ٤٤٢ - ٤٤٣) (ح ٢٢٨٤٤)، والبيهقي (٦/ ٧٠)، وغيرهم، قال في البدر المنير (٦/ ٧٠٢): (وهو بمعنى اللفظ الأول)، أي المتفق عليه، وقاله في التلخيص الحبير (٤/ ١٨٦٩ - ١٨٧٠)، وزاد: (وهي رواية لأحمد صحيحة).
(٤) مراتب الإجماع ص ١١٢، الإقناع في مسائل الإجماع ٢/ ١٧١، مجمع الأنهر ٢/ ١٤٦، الذخيرة ٩/ ٢٤١، الفواكه الدواني ٢/ ٣٧٤، نهاية المطلب ٦/ ٥١١، كفاية الأخيار ص ٣١٥، نهاية المحتاج ٤/ ٢٦٧، المغني ٧/ ٥٦، الشرح الكبير ١٣/ ٨٩.
(٥) المبدع ٤/ ٢٧٠، كشاف القناع ٨/ ٢٦٢، والأصم هو عبد الرحمن المعتزلي ويقال له ابن الأصم.

<<  <   >  >>