للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني: حكم الجعالة على الجعالة.

صورة المسألة: أن يقول: من وجد ضالتي أو حاجتي فله كذا، أو يقول: إذا رد زيد حاجتي فله كذا. فيقول زيد -في الثانية- أومن سمعه-في الأولى- لشخصٍ: إذا رددت حاجة فلان أو ما وَصْفُه كيت وكيت فلك كذا. فهل يصح وهل يرجع الواجد على صاحب الحاجة أو على زيد؟

ومثاله: أن يكون لزيد على حسن مبلغ ١٠٠٠٠٠٠ ريال فيقول زيد لصالح: إذا استخلصت لي ديني من حسن فلك ٢٠٠٠٠٠، فيذهب صالح إلى صديقٍ لحسن ويقول له: إذا أقنعت حسنًا أن يؤدي الدين لزيد ففعل فلك مني ١٠٠٠٠٠ ريال.

الحكم:

لم ينص العلماء-فيما أعلم- على هذه المسألة؛ لذا أذكر احتمالات مخرجة على ما نصوا عليه:

الاحتمال الأول: جواز وصحة جعالة الجاعل مطلقًا، ويرجع العامل على الجاعل الثاني، ويرجع الجاعل الثاني على الأصلي.

وجه الاحتمال: تخريجًا على جعالة الفضولي، فقد نص الجمهور على أن الجاعل الفضولي يصح التزامه وتكون الجعالة في ماله، فإذا ضُم إلى ذلك جعالة أصلية من رب المال فإنها جائزة بحكم الأصل، ويكون الراد هو الجاعل الثاني في الجعالة الأصلية.

قال في "المنهاج": (ولو قال أجنبي: من رد عبد زيد فله كذا. استحقه الراد على الأجنبي) (١).

وقال في"كشاف القناع": (وإن نادى غير صاحب الضالة فقال: من ردها فله دينار. فردها رجل أو امرأة فالدينار على المنادي؛ لأنه ضمن، أي: التزم العوض، ولا شيء على ربها؛ لأنه لم يلتزمه) (٢).فإذا التزم ربها بعوضٍ لزمه، فإذا سلمها له المنادي استحقه.

الاحتمال الثاني: فساد جعالة الجاعل وعدم جوازها مطلقًا، فإن عَمِلَ عاملٌ بناء عليها ففيه احتمالات:

الأول: ألا يستحق شيئًا.

الثاني: أن يستحق الجعل من الجاعل الأصلي.

الثالث: إن كان من عادته طلب الأُبَّاق فله جعل المثل، وإلا فلا جعل له وله النفقة.

وجه الاحتمال: أن الجعالة الأصلية إن كانت لمعين فلا يستحقها بعمل غيره، كما جاء في


(١) ٥/ ٣٤١ مع نهاية المحتاج.
(٢) كشاف القناع ٩/ ٤٨١.

<<  <   >  >>