للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمكاتبة فهي كالعقود اللازمة في ما سبق، غير أنه لا أثر لها على مباحث هذا البحث، كما سيتبين في المباحث المتعلقة بالرهن والكفالة والضمان والمكاتبة.

المطلب الثاني: قاعدة نقل المِلك بنفس العقد المستفاد به المملوك.

الأملاك التامة قابلة للنقل بالعوض وغيره في الجملة، ومِلك المنافع إن كان بعقدٍ لازم جاز نقل الملك بمثل الذي ملك به أو دونه، دون ما هو أعلى منه ومَلَك المعاوضة عليه (١).

وتوجيه ذلك أن الملك التام يخوِّل صاحبه التصرف المباح المطلق كالاستعمال والاستغلال والمعاوضة، فيملك أن يهب الموهوب له وأن يوصي بالموصى له بعد القَبول الحاصل عقب موت الموصي، أما الملك غير التام كملك منفعة العين المستأجرة فله أن ينقل الملك فيها بمثل العقد الأول بشرط أن يكون المعقود معه بمنزلته أو أقل في استيفاء المنفعة، كالإجارة والإعارة عند من يرى أنها تمليكُ منفعةٍ؛ لأنه إنما ملك المنفعة، واستيفاؤها يكون بقبض العين، ونفيًا للضرر عن مالك العين.

المطلب الثالث: قاعدة نفي الضرر.

إذا تضمن العقد الثاني المضاف إلى مثله ضررًا بالمتعاقد الأول الذي لم تنقطع عُلَقه بالمعقود عليه لم يجز ولم ينفذ إلا بإذنه أو بتدارك الضرر بالضمان ونحوه.

ودليل ذلك عموم أدلة نفي الضرر وتحريمه (٢)، والنهي يقتضي الفساد (٣)، فإذا أذن فقد أسقط حقه، فإلم (٤) يأذن إلا بمقابل (تعويض) فله ذلك، وهذا التدارك لا يرفع الحكم بعدم الجواز والفساد ولكنه يجبر الضرر بعد وقوعه.

قال الزركشي والسيوطي: (واعلم أن إيراد العقد على العقد ضربان: أحدهما: أن يكون قبل لزوم الأول وإتمامه فهو إبطالٌ للأول إن صدر من البائع، وإمضاءٌ للأول إن صدر من المشتري بعد القبض. الثاني: أن يكون بعد لزومه، وهو ضربان: الأول: أن يكون مع غير العاقد الأول، فإن كان فيه إبطال لحق الأول لغا، وإلم يكن فيه إبطال للأول صح. الثاني: أن يكون مع العاقد الأول، فإن اختلف المورد صح قطعًا، وإن اتحد المورد فقال العراقيون: لا


(١) تقرير القواعد ٢/ ٢٩٠، القاعدة السابعة والثمانون، بدائع الصنائع ٤/ ٣١٥،، الفتاوى الهندية ٤/ ٤٢٥، المدونة ٥/ ٤١٤، مواهب الجليل ٧/ ٥٣٦، المهذب مع تكملة المجموع ١٧/ ٣٣١، المنهاج مع مغني المحتاج ٢/ ٤٤٩ - ٤٥٠، المغني ٨/ ٥٥،٥٧، الروض المربع ٧/ ١٠٣ - ١٠٤.
(٢) ينظر جامع العلوم والحكم ص ٥٦١ - ٥٧٦، ح ٣٢.
(٣) شرح الكوكب المنير ٣/ ٨٤ - ٩٦.
(٤) إن الشرطية وأن المصدرية -إذا كانت ناصبة- إذا جاء بعدهما (لا) أو (لم) أدغمتا ولم تظهر النون. أدب الكاتب ص ٢٣٩، درة الغواص ص ٧٠٦.

<<  <   >  >>