للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول: استدانة المدين (١) وإقراض القرض، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: تعريف الدين وحكمه.

تعريف الدين

الدَّين لغةً ما له أجلٌ (٢)، والدَّين والاستدانة والتداين والمداينة ترجع إلى أصلٍ واحدٍ، وهو جنسٌ من الانقياد والذل، ويقال: داينتُ فلانًا إذا عاملتَه دينًا، إما أخذًا وإما إعطاءً (٣)، ودان الرجل إذا استقرض، وهو فعلٌ لازم عند جماعةٍ (٤)، وعليه فلا يقال فيه: مدين ومديون، ومتعد عند آخرين (٥)، وعليه فيقال فيه: مدين ومديون على اسم المفعول، قال في "المصباح المنير": (وقوله -تعالى-: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} البقرة: (٢٨٢) أي إذا تعاملتم بدين من سلم وغيره، فثبت بالآية وبما تقدم أن (الدَّيْنَ) لغة هو القرض وثمن المبيع، فالصداق والغصب ونحوه ليس بدين لغةً، بل شرعًا على التشبيه لثبوته واستقراره في الذمة) (٦).

والدين اصطلاحًا له إطلاقان:

الأول: إطلاق عام، وهو المستعمل في كثير من نصوص الكتاب والسنة، وهو كل ما ثبت في الذمة من الأموال والحقوق المحضة كسائر الواجبات من صلاة وحج ونذر وغيرها، ويمكن أن يؤخذ لهذا الإطلاق تعريف اصطلاحي من كلام العلماء فيقال:

- الدين لزوم حقٍّ في الذمة (٧).

- الدين وصف شرعي في الذمة يثبت أثره عند المطالبة (٨).

الثاني: إطلاق خاص، وهو ما يقابل العين، والعين الشيء المعيَّن المشخص، وتعريف الدين بهذا الاصطلاح هو ما ثبت في الذمة من مالٍ، وهذا القدر متفق عليه بين الفقهاء، إلا أن الجمهور عمموا فاعتبروه بأي سببٍ يقتضي ثبوته (٩)، والحنفية خصصوا فقالوا: بعقدٍ أو


(١) وضعت هذا المبحث في هذا الفصل؛ لأن أوضح صور الدين: القرض الحسن، والدين يشمل القرض وغيره.
(٢) القاموس المحيط، مادة دين ص ١١٩٨.
(٣) مقاييس اللغة، مادة دين ٢/ ٣١٩ - ٣٢٠.
(٤) منهم أبوزيد الأنصاري وابن السِّكِّيت وثعلب وابن قتيبة. المصباح المنير، مادة دين ص ١٧٢.
(٥) منهم أبو عبيد القاسم بن سلام. المفردات ص ٣٢٣.
(٦) المصباح المنيرص ١٧٢.
(٧) فتح الغفار بشرح المنار ٣/ ٢٢.
(٨) العناية ٥/ ٤٤٤.
(٩) الموسوعة الفقهية الكويتية ٢١/ ١٠٣ وما بعدها، القاموس الفقهي ص ١٣٣، دراسات في أصول المداينات ص ١٦، وقد جعل للدين اصطلاحًا شكليًا وآخر موضوعيًا، وللموضوعي معنى أعم وأخص، وعند النظر فالمعنى الأخص موافق للاصطلاح الشكلي حسبما ذكر، والأمر في ذلك واسع.

<<  <   >  >>