للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفرع الثاني: بيع المشتري للمبيع، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: بيع المشتري المبيعَ بعد قبضه.

صورة المسالة: إذا اشترى شخص سلعة شراءً تامًّا، وقبض السلعة، فهل يحق له أن يبيعها لطرفٍ ثالثٍ؟

الحكم:

لا تردُّد في جواز ذلك، فإن البائع قد انقطعت عُلَقه من المبيع، ومقتضى عقد البيع انتقال السلعة من البائع إلى المشتري وانتقال الثمن من المشتري للبائع، وتمامُ ملك المشتري للسلعة وتمام ملك البائع للثمن (١)، ويلزم منه إطلاق التصرف المباح لهما في ما آل إليهما، ولا يخالف في ذلك أحد، وعموم أدلة جواز البيع تشمله، والاستدلال لمثل هذا بآحاد الأدلة لا حاجة له.

وليس يصح في الأذهان شيءٌ ... إذا احتاج النهار إلى دليل

المسألة الثانية: بيع المشتري المبيع قبل قبضه.

صورة المسألة: إذا اشترى شخص سلعة ولم يقبضها، فهل يجوز له أن يبيعها سواء كان المشتري الجديد هو البائع أو طرفٌ ثالثٌ؟

تحرير محل النزاع:

أجمعوا على تحريم بيع الطعام قبل قبضه (٢)، واختلفوا في بيع المشتري غير الطعام قبل قبضه، وذلك على صورتين:

الصورة الأولى: بيع غير الطعام على بائعه قبل قبضه، وفيه قولان:

القول الأول: أنه لا فرق بين بيع المبيع قبل قبضه لبائعه أو لغيره، فما حرم بيعه لغير البائع حرم للبائع، وعليه فقهاء المذاهب الأربعة (٣).


(١) ينظر مثلًا: المغني ٦/ ٣٩، ١٦٦ - ١٦٧.
(٢) نقله ابن المنذر والخطابي وابن عبد البر وابن رشد الحفيد، ونقله عن ابن المنذر جمع منهم النووي وابن قدامة وابن تيمية. الأوسط ١٠/ ١٤٦، الإشراف ٦/ ٥٠، معالم السنن ٥/ ١٣٠، التمهيد ١٦/ ٥٢٠ - ٥٢١، بداية المجتهد ٧/ ٢٢٨، المجموع ١٠/ ٤١٣، المغني ٦/ ١٨٣، تهذيب السنن ٥/ ١٣١، ونُسب لعثمان البتي جواز بيع المبيع قبل قبضه مطلقًا، وعُدَّ ذلك شذوذًا وخرقًا للإجماع. المعلم بفوائد مسلم ٢/ ١٦٥، التمهيد ١٦/ ٥٣٠، المنهاج شرح صحيح مسلم ٦/ ٢١، بداية المجتهد ٧/ ٢٢٨، تهذيب السنن ٥/ ١٣١، فتح الباري ٥/ ٥٩٨، ونُسب لعطاء. المحلى ٨/ ٥٢٠، ولم أجده عند غيره.
(٣) بدائع الصنائع ٥/ ٢٩٦ - ٢٩٧،٤٩٤، حاشية ابن عابدين ٧/ ٣٨٤، التمهيد ١٦/ ٥٢١،٥٣١ - ٥٣٢، الكافي ص ٣١٩، المنهاج مع نهاية المحتاج ٤/ ٤٥ - ٤٦، مغني المحتاج ٢/ ٩٠، المغني ٦/ ١٩١، الشرح الكبير ١١/ ٥٠٩، شرح منتهى الإرادات ٣/ ٣٢٠ - ٣٢١.

<<  <   >  >>