للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الإعسار والحجر، ولكن يشترط إذا كان الدائن الثاني هو الأول عدم قلب الدين (١).

الفرع الثاني: استدانة المدين المعسر لحاجة نفسه ومن يمون، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: استدانة المدين المعسر لحاجة نفسه ومن يمون قبل الحجر عليه.

صورة المسألة: إذا كان ما عند المدين من مالٍ -زائد عن حاجته- لا يفي بديونه فهو معسر، فإذا لم يطالب غرماؤه بمنعه من التصرف فهل يجوز له أن يستدين لحاجة نفسه ومن يمون -أي: يعول ويقوت- كزوجته وأولاده ومن تجب عليه نفقته؟

الحكم:

يجوز للمدين المعسر أن يستدين لحاجة نفسه ومن يمون، ولا يجب، فإن النفقة الواجبة متعلقة بذمته؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب النفقة، وهي تعم المدين وغيره كقوله - سبحانه وتعالى -: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} الروم: (٣٨)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك» (٢)، وعدم وجوبها؛ لعدم تعين مصدر النفقة في الاستدانة، فإنه يمكن أن يتكسب أو يكون له حق في مال عام؛ ولأن نفقته -حال إعساره-تجب على غيره من قرابته الموسرين، وسواء كانت استدانته الثانية من الدائن الأول أو من غيره.

المسألة الثانية: استدانة المدين المعسرلحاجة نفسه ومن يمون بعد الحجر عليه.

صورة المسألة: إذا طالب غرماء المدين بمنعه من التصرف فحُجر عليه، فهل يحق له أن يستدين لحاجة نفسه ومن يمون؟

الحكم:

يجوز للمدين المعسر المحجور عليه أن يستدين مطلقًا باتفاق فقهاء المذاهب الأربعة (٣) فمنهم من نص على ذلك ومنهم مَن أطلق جواز وصحة التصرف في الذمة دون التصرف في شيءٍ من ماله؛ لأن الحجر إنما يتعلق بماله لا بذمته والاقتراض من التصرف في الذمة، ولكن لا يشارك أصحاب هذه الديون المحدثة الغرماء الحاجرين في استحقاق ماله؛ لأنهم إما أن يكونوا عالمين بالحجر فقد رضوا بذلك أو لا يكونوا عالمين فقد فرطوا، فإن ذلك مظنة


(١) سبق تفصيله ص ١٦٦.
(٢) رواه مسلم، كتاب الزكاة (٣/ ٧٨ - ٧٩) (ح ٢٣١٣).
(٣) حاشية ابن عابدين ٩/ ٢٤١ - ٢٤٢، جواهر الإكليل ٢/ ٨٨، حاشية الدسوقي ٣/ ٢٦٥، مغني المحتاج ٢/ ١٩٣ - ١٩٤، نهاية المحتاج ٤/ ١٩١، المغني ٦/ ٥٧١، الروض المربع ٦/ ٥٢٥.

<<  <   >  >>