للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني: حكم إقالة الإقالة.

صورة المسألة: هي إلغاء الإقالة والعودة إلى العقد، مثال ذلك: لو تقايلا البيع ثم تقايلا الإقالة وعادا إلى البيع فما حكمه؟

لم أجد مَن نصَّ على هذه المسألة إلا الحنفية.

قال في "الأشباه والنظائر": (إقالة الإقالة صحيحة إلا في السلم) (١).

قال في "الدر المختار" (٢) وفي "البحر الرائق" (٣): (وتصح إقالة الإقالة، فلو تقايلا البيع ثم تقايلاها، أي الإقالة، ارتفعت وعاد البيع).

وقال في "بدائع الصنائع": (ولو تقايلا البيع في المنقول ثم إن البائع باعه من المشتري ثانيًا قبل أن يسترده من يده يجوز البيع، وهذا يطرد على أصل أبي حنيفة ومحمد وزفر ... وأما على أصل أبي يوسف فلا يطرد) (٤).

وقال في "حاشية ابن عابدين": (باع زيد من عمرو شيئًا منقولًا كثوب وقبضه ثم تقايلا ثم باعه زيد ثانيًا من عمرو قبل قبضه منه جاز البيع) (٥).

ومقتضى مذهب الجمهور الجواز؛ لأنهم يعدونه فسخًا، ولا محظور في ترك الفسخ وإلغائه، ومقتضى مذهب المالكية عدم جوازه في الطعام قبل القبض؛ لأن بيع المبيع يشترط فيه القبض إذا كان طعامًا، وقد سبق، والإقالة عندهم بيع.

ويمكن أن يُخرَّج للحنابلة قولٌ بالمنع مما جاء في "المغني": (ولا يفتقر الخلع إلى حاكم ... ولأنه قطع عقد بالتراضي أشبه الإقالة) ثم ذكر كون الخلع فسخًا ثم قال: (والخلع في نفسه فسخٌ فلا يُفسخ) (٦).

أدلة الجواز:

الدليل الأول: أن الإقالة فسخ إما مطلقًا أو في حق العاقدين، وعلى كلا القولين فقد عاد


(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ١٧٩.
(٢) ٧/ ٣٥٥.
(٣) ٦/ ١٧٠.
(٤) ٧/ ٤٩٤.
(٥) ٧/ ٣٥١.
(٦) المغني ١٠/ ٣١٩،٢٧٤،٢٦٨، وكون الخلع فسخًا مقيد عندهم بألا يكون الخلع بلفظ الطلاق أو نيته، وفي رواية عن أحمد اختارها ابن تيمية وابن القيم أنه فسخ مطلقاً، ودليله قول ابن عباس: (ما أجازه المال فليس بطلاق) رواه عبد الرزاق (ح ١١٧٧٠) والبيهقي (٧/ ٣١٦)، فلا يصح ما حكي فيه من إجماع، وعند الجمهور هو طلاق مطلقًا. المدونة ٣/ ٨٣، مجموع الفتاوى ٣٢/ ٣١٥، زاد المعاد ٥/ ١٨١ - ١٨٢، فتح الباري ١٢/ ٨٦، الإنصاف ٢٢/ ٢٩ - ٣٢.

<<  <   >  >>