للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشهرة (١).

الفرع الثالث: استدانة المدين المعسر لقضاء دين الغرماء.

صورة المسألة: إذا كان المدين معسرًا فما حكم استدانته ليؤدي شيئًا من الديون التي صار بسببها معسرًا، فتنتقل ذمته من الاشتغال بدينٍ للاشتغال بدينٍ آخر، وذلك أنه قد يكون المقرض الثاني أصبر عليه من غريمه الأول أو كل غرمائه، أو يكون له في ذلك حاجة أخرى.

الحكم:

لا يلزم المدين المعسر أن يستدين ليوفي دين الغرماء، ويجوز له ذلك، فإن نصوص الفقهاء المشار إليها في المسألة السابقة تشمل استدانته لحاجة نفسه ومن يمون واستدانته لوفاء دينه، ولكن بعضهم نص على أنه لا يجبر على الاستدانة للوفاء بدينه (٢).

ودليل ذلك قوله - سبحانه وتعالى -: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} البقرة: (٢٨٠) فأمر غرماءه بإنظاره لا بإجباره على الاقتراض.

فإن كانت استدانته من الدائن الأول ليوفيَ دينه الأول بدينه الجديد فإما أن يكون بلا زيادة على الدين الأول فهذا جائز، وجاء في "كشاف القناع": ((ولو أقرض غريمه المعسر ألفًا ليوفيه منه) أي: الألف (ومن دينه الأول كل وقت شيئًا) جاز، والكل حال) (٣)، وإما أن يكون بزيادة فهذه مسألة قلب الدين، وسبقت في إعادة التورق (٤).

الفرع الرابع: إقراض القرض.

مِلك المقترض للقرض تام، كملك المشتري للسلعة شراءً ناجزًا، فله أن يتصرف فيه بما يشاء، ومن ذلك إقراضه، قال ابن حزم: (ومَن استقرض شيئًا فقد مَلَكَه، وله بيعه إن شاء وهبته والتصرف فيه، كسائر مِلكه، وهذا لا خلاف فيه، وبه جاءت النصوص) (٥)، ولعله يعني عموم النصوص في التصرف في المِلك.


(١) المغني ٦/ ٥٧١ - ٥٧٢.
(٢) جواهر الإكليل ٢/ ٩٠، التاج والإكليل ٦/ ٦٠٦، المغني ٦/ ٥٨٢.
(٣) ٨/ ١٤٧.
(٤) ص ١٦٦.
(٥) المحلى ٨/ ٧٩.

<<  <   >  >>