للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابن تيمية (١) إلى جوازه إذا كان الثمن حالًّا.

الترجيح

الراجح أن إجارة المؤجر غير جائزة وباطلة.

سبب الترجيح: ما ذكر من الأدلة على المنع وعلى البطلان.

الفرع الثاني: إجارة الأجير من يقوم بالعمل المطلوب منه في عقد الإجارة.

صورة المسألة: إذا استأجر إنسانٌ أجيرًا ليقوم له بعملٍ معيَّنٍ -وهو الأجير المشترك- فهل للأجير أن يستأجر غيره ليقوم عنه بهذا العمل أو لا؟

الحكم:

اختلف العلماء في ذلك على أقوال:

القول الأول: جواز ذلك، إلا إذا شُرط عليه أن يعمل بنفسه فلا يجوز، فإن أطلق فله أن يستأجر من يعمل عنه، وهو مذهب الحنفية (٢) والحنابلة (٣) وابن حزم (٤).

القول الثاني: ليس له ذلك إلا إذا شَرَطَ هو ذلك أو جرى به العرف، وهذا تخريجٌ على قول المالكية: (لا يجوز للراعي أن يأتي براع بدله حيث كان معينًا) فإنه لا يأتي براع بدله ولو كان أجيرًا له (٥).

القول الثالث: إن كانت الإجارة على عملٍ معينٍ-مثل أن يستأجر رجلًا ليخيط له ثوبًا- فيلزمه أن يعمل بنفسه، وإن كانت الإجارة على عملٍ في الذمة-مثل أن يستأجر رجلًا ليحصِّل له خياطة ثوب- فله أن يستأجر غيره، وهو مذهب الشافعية (٦).

الأدلة: أدلة القول الأول:

الدليل الأول: أن الأصل الجواز، ولم يقم دليل من نص أو إجماع أو معنى صحيح يمنع مِن إجارة الأجير مَن يقوم بعمله.

الدليل الثاني: القياس على جواز الوكالة في سائر ما تدخله النيابة من العبادات والعقود


(١) مجموع الفتاوى ١٩/ ٥٠٦، الأخبار العلمية ص ١٩٣، ونص على تحريمه بثمن مؤجل خلاف ما نسبه إليه بعضهم: مجموع الفتاوى ٢٩/ ٤٢٩ - ٤٣٠.
(٢) فتح القدير ٧/ ١٦٣، خلاصة الدلائل ١/ ٤٤٦، البحر الرائق ٧/ ٥١٦.
(٣) نص على الجواز في: المغني ٨/ ٥٦ - ٥٧، ١٠/ ١٠٣، كشاف القناع ٩/ ٧٣، وذكرُ الشرط في "فتح الملك العزيز" ٤/ ١١٤، و"التنقيح المشبع" ص ٢٧٨.
(٤) المحلى ٨/ ١٩٧.
(٥) المدونة ٥/ ٣٠٧، الذخيرة ٥/ ٤٤٠، ٥٠٠، الفواكه الدواني ٢/ ١٨٠.
(٦) المهذب مع تكملة المجموع ١٦/ ٢٢١، وينظر: نهاية المطلب ٨/ ٧٤، العزيز شرح الوجيز ٦/ ١٤٣ - ١٤٤.

<<  <   >  >>