للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المناقشة: التسليم بصحة تصرف الفضولي لكن هذا ليس منه؛ لأن الفضولي يتصرف لصالح المالك، كمن يبيع سيارة شخص بغير إذنه ليكون الثمن للمالك، وهنا المؤجر تصرف لصالح نفسه في ما لا يملك، وليس لصالح المالك (المستأجر الأول).

الدليل الثاني: أنه لا ضرر على المستأجر الأول مع تخييره في إمضاء الإجارة أو فسخها.

أدلة القول الثاني:

أولًا: دليل انفساخ الإجارة وفساد العقد الأول إذا أجرها المؤجر قبل تسليم العين: أن العاقد (المؤجر) قد أتلف المعقود عليه (المنافع) قبل تسليمه فانفسخ العقد، كما لو باع طعامًا فأتلفه قبل تسليمه (١).

المناقشة: عدم التسليم بأن الإجارة إتلاف للمنافع، والإجارة عقد لازم لا يشترط له القبض.

ثانيًا: دليل عدم انفساخ الإجارة وفساد العقد الثاني إذا أجرها بعد تسليم العين: أن المؤجر تصرف في ما ملكه المستأجر بغير إذنه، فأشبه ما لو تصرف في المبيع بعد قبض المشتري له، وقبض العين يقوم مقام قبض المنافع (٢).

المناقشة: عدم التسليم بحكم الأصل، فإذا باع إنسانٌ ملك غيره فإنه يكون موقوفًا على إجازة المالك ولا يبطل البيع؛ لما أبداه أصحاب القول الآخر من أدلة.

ثالثًا: دليل انفساخ الإجارة وفساد العقد الأول إذا أجرها بعد تسليم العين: أن المستأجر لم يقبض المنافع بعد، فأشبه التصرف في العين المباعة قبل قبضها أو تلف المكيل قبل تسليمه.

المناقشة: أن المنافع تحدث شيئًا فشيئًا وقبض العين بمثابة القبض الحكمي للمنافع المتجددة.

منشأ الخلاف في الحكم التكليفي:

يرجع الخلاف في هذه المسألة لحكم بيع الدين على غير من هو عليه بثمن حال أو مؤجل، فجمهور العلماء على تحريمه مطلقًا (٣)، وذهب المالكية (٤) والشافعية في الأصح عندهم (٥)


(١) المغني ٨/ ٢٦، الأشباه والنظائر للسيوطي ١/ ٣٣٤.
(٢) المغني ٨/ ٢٥.
(٣) بدائع الصنائع ٥/ ٣٠٠، تبيين الحقائق ٤/ ٨٣، العزيز شرح الوجيز ٤/ ٣٠٠ - ٣٠٤، الأشباه والنظائر ص ٣٠٩، شرح منتهى الإرادات ٣/ ٣١٦ الروض المربع ٦/ ٣٥١.
(٤) التاج والإكليل ٦/ ٥٢٣، حاشية الدسوقي ٣/ ٦٣، ولهم شروط.
(٥) البيان ٥/ ٧١، حاشيتا قليوبي وعميرة ٢/ ٢١٥، مغني المحتاج ٢/ ٩٤.

<<  <   >  >>