للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الحادي عشر: تورُّق المتورِّق (إعادة التورُّق)، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: تعريف التورق وحكمه.

تعريف التورق

التورق لغة مصدر تورَّق، وهو تفعُّلٌ من الورق، وفي "مقايس اللغة": (الواو والراء والقاف أصلان يدل أحدهما على خير ومال، وأصله ورق الشجر، والآخر على لون من الألوان) (١) وذكر في "القاموس المحيط" أن الوَرْق مثلَّثةً والوَرِق والوَرَق: الدراهم المضروبة، ويطلق الورّاق على الكثير الدراهم، ويقال: أورق: كثُر ماله ودراهمه (٢).

هذه أقرب المعاني اللغوية للمعنى الاصطلاحي، وجاء في أثر عن إياس بن معاوية - رحمه الله - ذكر التورق، كما سيأتي، علاوةً على أنه لا يشترط في استعمال اللفظ في المعنى الاصطلاحي الحادث أن يسبقه استعمالٌ في اللسان لذلك المعنى، ولا تأثير لذلك في الحكم؛ لأن هذاه المعاملة معروفة ومنصوص على حكمها بأسماء مختلفة، والعبرة بالحقائق لا بالألفاظ، وقد أجاز بعض العلماء إحداث الاسم للشيء من طريق الاشتقاق (٣).

والتورق اصطلاحًا أن يشتري محتاجُ النقدِ سلعةً بثمنٍ مؤجَّل فيبيعها على آخر بثمن حالّ، وهذه المعاملة ذكرها بعض الأئمة والفقهاء، نصًّا أو ضمنًا، ووردت تسميتها بالتورق لدى الحنابلة (٤)، وسماها بعض الشافعية بالزَّرْنَقة (٥)، وبالعينة الجائزة (٦)، وذكرها بعض الحنفية (٧) والمالكية (٨) في صور العينة، وفرقوا بينهما في الحكم، والعينة أن يشتري من شخصٍ سلعةً بنقد ويبيعها عليه بثمن مؤجل أو حالّ لم يقبض (٩)، ولها صور فروع.


(١) مادة ورق ٦/ ١٠١.
(٢) مادة ورق ص ٩٢٨.
(٣) الإعلام ١٠/ ١٩٩، وينظر: الصاحبي ص ٦،٥٧، روضة الناظر ٢/ ٥، ٧.
(٤) مجموع الفتاوى ٢٩/ ٣٠٢، تهذيب السنن ٥/ ١٠٨، الفروع ٦/ ٣١٦، الإنصاف ١١/ ١٩٥ - ١٩٦، كشاف القناع ٧/ ٣٨٣، الروض المربع ٦/ ٨٨.
(٥) النهاية، مادة زرنق ص ٣٩٧، لسان العرب، مادة زرنق ١٢/ ٦، والمرجع التالي.
(٦) الزاهر ص ١٤٣، مع ملاحظة أن العينة جائزة عند الشافعية.
(٧) المبسوط ١١/ ٢٢٩.
(٨) مواهب الجليل ٦/ ٢٩٤.
(٩) هذا تعريف العينة في جميع المذاهب، عند من حرمها -وهم الجمهور- ومن أباحها، ينظر -مثلا-: المبسوط ١٩/ ٩٣، المدونة ٤/ ٤٣٢، مواهب الجليل ٦/ ٢٩٣، العزيز شرح الوجيز ٤/ ١٣٥ - ١٣٧، تكملة المجموع للسبكي ١١/ ١٥١، الروض المربع ٦/ ٨١، لكن المالكية يوسِّعون تعريف العينة ويقسمونها إلى جائزة ومحظورة ومكروهة، ينظر -مثلا-: البيان والتحصيل ٧/ ٨٦، الذخيرة ٥/ ١٦.

<<  <   >  >>