للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثامن: إيصاء الوصي (الموصَّى) وتوصية الموصى له والموصي، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: تعريف الإيصاء والوصية وحكمهما.

تعريف الوصية والإيصاء

في اللغة الإيصاء مصدر أوصى يوصى، والتوصية مصدر وصَّى يوصِّي، وهما بمعنى واحد (١)، وهو وصل شيء بشيء (٢).

وفي الاصطلاح الوصية هي:

١ - عند الحنفية: تمليكٌ مضافٌ إلى ما بعد الموت عينًا أو منفعةً (٣).

٢ - عند المالكية: عقد يوجب حقًا في ثلث عاقده يلزم بموته أو نيابة عنه بعده (٤).

٣ - عند الشافعية: تبرع بحق مضاف ولو تقديرًا لما بعد الموت، وليس التبرع بتدبير ولا تعليق عتق (٥).

٤ - عند الحنابلة: الأمر بالتصرف بعد الموت، أو التبرعُ بالمال بعد الموت (٦).

وقد نص على التفريق بين الوصية والإيصاء في الاصطلاح الحنفية والشافعية، فالوصية ما سبق والإيصاء العهد إلى من يقوم على مَن بعده (٧)، أو إقامة غيره مقامه في التصرف بعد الموت (٨)، والإيصاء في اللغة يشمل حال الحياة والموت، وفي الاصطلاح خاص بما بعد الموت.

حكم الوصية والإيصاء:

الأصل في حكمهما الاستحباب المؤكد، وقد تعرِض لها الأحكام التكليفية الأخرى، وإنما تجب على من عليه حق فيوصي بأدائه، لقوله - سبحانه وتعالى -: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} البقرة:١٨٠ وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ما حقُّ امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» (٩) وانعقد الإجماع


(١) مختار الصحاح، مادة وصى، ص ٦٢٢، تهذيب اللغة، مادة وصى ٤/ ٣٩٠٢، تهذيب الأسماء واللغات ص ٨١٢.
(٢) مقاييس اللغة: مادة وصى ٦/ ١١٦.
(٣) نتائج الأفكار ٨/ ٤١٦، مجمع الأنهر ٢/ ٦٩١.
(٤) حاشية الدسوقي ٤/ ٤٢٢، بلغة السالك ٢/ ٤٦٥، وهذا تعريف يشمل الوصية والإيصاء كما في "مواهب الجليل" ٨/ ٥١٣.
(٥) مغني المحتاج ٣/ ٥٢، نهاية المحتاج ٦/ ٤٨.
(٦) شرح منتهى الإرادات ٤/ ٤٣٩، الروض المربع ٧/ ٥٤١، وهذا تعريف يشمل الوصية والإيصاء.
(٧) نتائج الأفكار ٨/ ٤١٦، حاشية ابن عابدين ١٠/ ٣٥٢، مغني المحتاج ٣/ ٥٢، نهاية المحتاج ٦/ ٤٨.
(٨) الموسوعة الفقهية الكويتية ٧/ ٢٠٥، ٤٣/ ٢٢١.
(٩) رواه البخاري، كتاب الوصايا، باب الوصايا (٤/ ٢) (ح ٢٧٣٨)، ومسلم، كتاب الوصية (٥/ ٧٠) (ح ٤٢٠٤).

<<  <   >  >>