للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيرها.

الدليل الثالث: عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسلمون على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا» (١).

وجه الدلالة: أن الأصل في العقود والشروط الجواز، وإجارة الأجير غيرَه جائزة ما لم يوجد شرط يخالفها.

الدليل الرابع: أنه إذا شرط أن يعمل بنفسه لم يرضَ إلا بعمله، وإذا لم يشرط ذلك جاز؛ لأن العادة قد جرت أن الصناع يعملون بأنفسهم وبأجرائهم (٢).

الدليل الخامس: أنه إذا شرط أن يعمل بنفسه صار المعقود عليه العمل في محل بعينه فيستحق عينه كالمنفعة في محل بعينه، وإذا لم يشرط صار المستحق العمل، ويمكن إيفاؤه بنفسه وبالاستعانة بغيره، فهو بمنزلة إيفاء الدين (٣).

دليل القول الثاني:

يمكن الاستدلال لهم على جواز إجارة من يقوم مقامه في حال الشرط بما استدل به أصحاب القول الأول، وعلى جوازه في حالة دلالة العرف بعموم أدلة إعمال العرف، كقوله


(١) رواه الترمذي، أبواب الأحكام، باب ما ذكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلح بين الناس (٣/ ٢٧ - ٢٨) (ح ١٣٥٢)، وابن ماجه، كتاب الأحكام، باب الصلح (٣/ ٤٤٠) (ح ٢٣٥٣)، والدارقطني، كتاب البيوع (٢/ ٦٠٧) (ح ٢٨٥٦)، وأعلَّ بكثير، وله شاهد من حديث أبي هريرة رواه أبو داود، كتاب الأقضية، باب في الصلح (٤/ ٢١٦ - ٢١٧) (ح ٣٥٩٤)، وأحمد (١٤/ ٣٨٩) (ح ٨٧٨٤) والدارقطني، كتاب البيوع (٢/ ٦٠٦) (ح ٢٨٥٥)، واختلف في تصحيحه وتضعيفه، فرواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم في صحيحه، باب أجر السمسرة (٣/ ٩٢) وقال الترمذي عن الأول: (حسن صحيح). وصححه الحاكم (٤/ ١٠١)، والثاني صححه ابن حبان (ح ٥٠٩١) والحاكم (٤/ ١٠١)، وقال ابن كثير: (إسناده جيد). واختلف في قول عبد الحق الإشبيلي ففي "الإرواء" أنه صححه وفي "بيان الوهم" و"التلخيص" أنه ضعفه، وأعل الثاني بكثير بن زيد، قال الذهبي: (منكر). وقال عن الأول: (واه). وضعفه ابن حزم، وقال ابن الملقن عن الأول: (واه بمرة بسبب كثير هذا). وضعفه ابن حجر، وأكثر العلماء على تضعيف كثير، ولكن قال ابن رجب في جامعه (ح ٣٢): (كثير هذا يصحح حديثه الترمذي، ويقول البخاري في بعض حديثه: هو أصح حديث في الباب. وحسَّن حديثه إبراهيم بن المنذر الحزامي وقال: هو خير من مراسيل ابن المسيب. وكذلك حسنه ابن أبي عاصم وترك حديثه آخرون منهم الإمام أحمد وغيره ... وقد قال البيهقي في بعض أحاديث كثير بن عبدالله المزني: إذا انضمت إلى غيرها من الأسانيد التي فيها ضعف قويت). السنن ٦/ ٦٥، وقال ابن تيمية: (وهذه الأسانيد -وإن كان الواحد منها ضعيفًا- فاجتماعها من طرق يشد بعضها بعضًا) وقال الشوكاني: (لا يخفى أن الأحاديث المذكورة والطرق يشهد بعضها لبعض، فأقل أحوالها أن يكون المتن الذي اجتمعت عليه حسنًا). وصححه الألباني. مجموع الفتاوى ٢٩/ ١٤٧، بيان الوهم والإيهام ٣/ ٥٢٦ البدر المنير ٦/ ٦٨٨، التلخيص الحبير ٤/ ١٧٨٨، فتح الباري ٦/ ٤٤، نيل الأوطار ٤/ ١٥٦، الإرواء ٥/ ١٤٣.
(٢) خلاصة الدلائل ١/ ٤٤٦.
(٣) فتح القدير ٧/ ١٦٣.

<<  <   >  >>