للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

: - صلى الله عليه وسلم - (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) (١) وهو الدليل الثاني للقول الأول، ويستدل لهم على المنع فيما عدا ذلك بأن المستأجر الأول إنما تعامل مع هذا العامل أو الصانع لا مع أجيره.

المناقشة: إذا عُلم من دلالة الحال أن مقصود المستأجر العمل لا العامل، كما لو كانت الإجارة على عمل في الذمة أو دل العرف على أن العامل يؤاجر غيره فلا معنى لقولنا: (تعامل مع هذا العامل)؛ لأنه لم يقصده لذاته، ولعدم الدليل السليم على المنع من ذلك، وقياسًا على حالة وجود العرف أو الشرط.

دليل القول الثالث:

يُمكن أن يستدل لهم على المنع إذا كانت الإجارة على عملٍ معينٍ بما استدل به أصحاب القول الأول أن المعقود عليه حينئذٍ العمل في محل بعينه فيستحق عينه كالمنفعة في محل بعينه، أما إذا كانت الإجارة على عمل في الذمة فاستدلوا على جوازه بأن معنى ذلك في التحقيق: استحققت عليك هذا العمل، فقد طلب أن يوقع المخاطب عملًا في عينٍ له إما بنفسه وإما بغيره (٢).

المناقشة:

أولًا: كل إجارة لا تكون على منفعة عينٍ فهي إجارة على عمل في الذمة، وجائز في هذه الحالة عندكم أن يؤجر الأجيرُ غيرَه.

ثانيًا: إذا كانت الإجارة على عملٍ معينٍ فلا نُسلِّم قياسه على إجارة العين، لأن المستأجر قد لا يكون له قصدٌ في تخصيص عامل العمل المعيَّن، بل مقصوده حصول العمل، فيكون كالإجارة على عملٍ في الذمة.

الترجيح

الراجح جواز إجارة الأجير من يقوم بالعمل المطلوب منه في عقد الإجارة إلا إذا شُرِط خلاف ذلك أو دل العرف أو القرينة على خلاف ذلك، كالنسخ، فإن الخطوط تختلف فليس له أن يؤاجر غيره إلا بإذن المستأجر، وهذا قول الجمهور، فإنّ من لم يذكر حالة الشرط أو قيام دلالة العرف في المسألة نصًا يوافق عليها حكمًا (٣).


(١) رواه البخاري، كتاب النفقات، باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه (٧/ ٦٥) (ح ٥٣٦٤)، واللفظ له، ومسلم، كتاب الأقضية (٥/ ١٢٩) (ح ٤٤٧٧).
(٢) نهاية المطلب ٨/ ٧٤.
(٣) المغني ٨/ ٣٦، ١٠/ ١٠٥.

<<  <   >  >>