للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"كشاف القناع": (سواء جعله لمعين بأن يقول من تصح إجارته -وهو جائز التصرف- لزيد مثلًا: إن رددت لقطتي فلك كذا، فيستحقه إن ردها، ولا يستحقه من ردها سواه، أي: سوى المخاطب بذلك) (١) سواء عمل بجعل أولا، فإذا جاعل المخاطب المعيَّن غيره فإنه لم يعمل العمل الذي يستحق به الجعل.

وإن كانت لغير معين فإنّ من شروط العمل عند الشافعية ويفهم مثله عند الحنابلة أن يكون مما فيه تعب ومشقة، وليس في عمل الجاعل الثاني مشقة؛ لأنه إنما رصد جعلًا لمن يعمل، والمشقة في عمل غيره.

جاء في "نهاية المحتاج": (لا بد من كون العمل فيه كلفة أو مؤنة، كرد آبق أو ضال أو حج أو خياطة أو تعليم علم أو حرفة ...) (٢).

وجاء في "كشاف القناع": (وإن كانت بيد إنسانٍ فجعل له مالكها جعلًا ليردها لم يبح له أخذه) (٣).

فإن عمل عاملٌ بناءً على جعالة الجاعل -وهي فاسدة- ففيه احتمالات:

١ - لا يستحق شيئًا؛ لأنه يشترط في استحقاق الجعل أن يسمع إذن الجاعل أو يبلغه، وهذا العامل لم يسمع إذن الجاعل الأصلي ولم يبلغه؛ لأن الجاعل الثاني لم ينقل إذن الجاعل الأصلي بل استحدث إذنًا من عنده.

جاء في "المهذب": (فإن نادى فقال: من رد عبدي فله دينار فرده من لم يسمع النداء لم يستحق الجعل) (٤). ولأن ما بني على فاسد فهو مثله في الفساد، واستحقاق العامل فرع صحة جعالة الجاعل.

٢ - أن يستحق الجعل الأصلي؛ لأمرين:

١. أنه لم يقدم على العمل إلا طلبًا للعوض.

٢. أن المقصود للجاعل الأصلي قد تم بحصول مطلوبه، وتحقق شرط استحقاق الجعل في العامل، وهو القيام بالعمل.

٣ - جاء في "حاشية الدسوقي": ((قوله: ولمن لم يسمع الجاعل) أي لا مباشرة ولا


(١) ٩/ ٤٧٩، وفي "المغني"١٣/ ٥٨: (ويستحق الجعلَ بفعل ما جُعل له الجعلُ فيه).
(٢) ٥/ ٣٤٣، مغني المحتاج ٢/ ٥٥٦،٥٥٤، فائدة: في مؤنة ٣ لغات: مُؤنة بسكون الهمزة، والجمع مُأن، مثل غرفة غرف، ومَؤونة، على وزن فَعولة، والجمع مَؤُنات، ومُونة بالواو، والجمع مُوَن. المصباح المنير، مادة مون. ص ٤٧٩.
(٣) ٩/ ٤٧٩.
(٤) ١٦/ ٤٧٠.

<<  <   >  >>