للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصرف ما وحصل على مبلغ يُسدَّد خلال سنتين، وبعد سنة أراد أن يشتري سيارة فأجرى عملية تورق أخرى مع المصرف الأول أو مع غيره وحصل على مبلغ يسدده على مدى سنة، ولا يدفع شيئًا منه للمصرف الأول عن دين التورق الأول.

والحكم في هذه الحالة الجواز؛ لأن تكييف المسألة يرجعها إلى مسألة الشراء بالآجل من بائع واحد مرتين، كمَن يأخذ حاجاته من محل ويسدد قيمتها في آخِر الشهر، أو الشراء من أكثر من بائع، ولا يوجد دليل يقتضي تحريم ذلك أو كراهته إلا من جهة ذم الدَّين عمومًا وسعي الشريعة إلى إبراء الذمم، والأصل في العقود الجواز والصحة، ولأنه إذا جاز التورق الأول فيجوز الثاني؛ لأنه لا علاقة بينهما حينئذٍ تستلزم المنع.

الثانية: أن يكون التورق الثاني بقصد سداد الدين الأول، فإن كان البائع في التورق الثاني أجنبيًّا عن البائع الأول، وليس بين البائعين تواطؤ، فذلك جائز؛ لما تقدم من أنه لا يوجد دليل يقتضي تحريم ذلك أو كراهته إلا من جهة ذم الدَّين عمومًا وسعي الشريعة إلى إبراء الذمم، والأصل في العقود الجواز والصحة، وإذا جاز التورق الأول فيجوز الثاني؛ لأنه لا علاقة بينهما حينئذٍ تستلزم المنع، أما إن كان البائع الثاني هو البائع الأول ففي ذلك قولان:

القول الأول: المنع، وبه صدر قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع للرابطة (١) والهيئة الشرعية بمصرف الراجحي (٢) وغيرهم (٣).

القول الثاني: الجواز، وقال به بعض المعاصرين (٤).

الأدلة:

أدلة القول الأول:


(١) في دورته الثامنة عشر بتاريخ ١٠ - ١٤/ ٣/١٤٢٧ قرار رقم ١٠٤ (٣/ ١٨) ونصه: (يعد من فسخ الدين في الدين الممنوع شرعًا كل ما يفضي إلى زيادة الدين على المدين مقابل الزيادة في الأجل أو يكون ذريعة إليه، ويدخل في ذلك: فسخ الدين في الدين عن طريق معاملة بين الدائن والمدين تنشأ بموجبها مديونية جديدة، ومن أمثلتها شراء المدين سلعة من الدائن بثمن مؤجل ثم يبيعها بثمن حال من أجل سداد الدين الأول كله أو بعضه، فلا يجوز مادامت المديونية الجديدة من أجل وفاء المديونية الأولى بشرط أو عرف أو مواطأة أو إجراء منظم، وسواء في ذلك أكان المدين موسرًا أم معسرًا، وسواء أكان الدين الأول حالا أم مؤجلا يراد تعجيل سداده من المديونية الجديدة، وسواء كان بين المدين وطرف آخر غير الدائن إذا كان بترتيب من الدائن نفسه أو ضمان منه من أجل وفاء مديونيته).
(٢) قرارات الهيئة الشرعية بمصرف الراجحي ١/ ٤٦٠، ٥٤٤.
(٣) موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة ص ٩٤٢ - ٩٤٦، وسئل عنها ابن تيمية فأفتى بالكراهة بناء على وجود التورق ابتداءً. مجموع الفتاوى ٢٩/ ٣٠١ - ٣٠٢.
(٤) موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة ص ٩٤٢ - ٩٤٦، وينظر: في فقه المعاملات المالية والمصرفية ص ١٣٧ ذكر شرطين للجواز.

<<  <   >  >>