للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومالك (١) وبه صدر قرار المجمع الفقهي الإسلامي (٢) وغيرهم (٣)، وذلك لعدد من الأدلة:

الدليل الأول: اشتمال التورق المصرفي على العينة من جهتين: الأولى أن المتورق يشتري السلعة من المصرف بثمن آجل ثم يبيعه على طرف له علاقة بالمصرف، وغالبًا ما يتعامل المصرف مع سمسار معين، إما في الداخل وإما في الخارج، وهذه الصورة تسمى العينة الثلاثية، (وسئل مالك: عن رجل ممن يعين يبيع السلعة من الرجل بثمن إلى أجل، فإذا قبضها منه ابتاعها منه رجل حاضر، كان قاعدا معهما، فباعها منه؛ ثم إن الذي باعها الأول اشتراها منه بعد، وذلك في موضع واحد، قال: لا خير في هذا، ورآه كأنه محلل فيما بينهما، وقال: إنما يريدون إجازة المكروه. قال سحنون: وأخبرني ابن القاسم عن ابن دينار أنه قال: هذا مما يضرب عليه عندنا، وهو مما لا يختلف فيه أنه مكروه، وأرى أن يزجر عنه، وأن يؤدب من فعله، قال ابن القاسم: ورأيتها عند مالك من المكروه البين) (٤)، والثانية أن السلعة إلم تكن عند المصرف ففي شرائه من السمسار ثم بيعه له عينة ثنائية أو شبه بها، وذلك محرم، وسبق دليله.

الدليل الثاني: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم (٥)، والمتورق يبيع السلعة دون قبضٍ لها، وغالبًا ما تكون السلع المعدَّة لهذا الغرض غير معينة ولا متميزة؛ لعلم جميع الأطراف بأن بيعها وقبضها غير مقصود لأحد منهم.

الدليل الثالث: أن في ذلك حيلةً ظاهرةً على الربا، فإن المتورق يوقع على الأوراق ويحصل في وقت يسير على المال مقابل أقساط مضاعفة تستقر في ذمته، وهذه قرينة ظاهرة على صورية العقود التي لو أُخذت على الانفراد كانت مباحةً.

الدليل الرابع: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ربح ما لم يُضمن (٦)، ولم تدخل السلعة في ضمان المتورق؛ لأنه لم يقبضها.


(١) سئل مالك عن الرجل يبيع السلعة بمائة دينار إلى أجل فإذا وجب البيع بينهما قال المبتاع للبائع: بعها لي من رجل بنقد فإني لا أبصر البيع. قال: (لا خير فيه ونهى عنه). المدونة ٤/ ٤٨١.
(٢) في دورته السابعة عشر في ١٩ - ٢٣/ ١٠/١٤٢٤. فقه النوازل ٣/ ٢٥٤.
(٣) المعايير الشرعية، المعيار الشرعي للتورق، البند ٤/ ٦، ٧، ٨، ٩، ٥/ ٢، ص ٤٩٣، وفي "قضايا في الاقتصاد والتمويل الإسلامي" ص ٤٢٧ - ٤٢٩ نقولٌ عن الحنفية لكنها لا تدل على المطلوب، وهو تحريم هذا النوع من التورق.
(٤) البيان والتحصيل ٧/ ٨٩ - ٩٠.
(٥) سبق تخريجه ص ٤١.
(٦) سبق تخريجه ص ٥٧.

<<  <   >  >>