للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثالث: جوازه إذا كان بقيمته أو أقل، وهي رواية عن أحمد (١)، واختيار أبي العباس ابن تيميّة (٢).

الأدلة:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره» (٣).

وجه الدلالة: أن بيع المسلم فيه مِن صرفه إلى غير عقد السلم، أما إذا قبضه وتم عقد السلم جاز له ذلك؛ لأنه حينئذ لم يصرفه إلى غيره.

المناقشة: قال أبو العباس ابن تيمية: (عنه جوابان: أحدهما: أن الحديث ضعيف، والثاني: المراد به ألا يجعل السلف سلمًا في شيء آخر، فيكون معناه النهي عن بيعه بشيء معين إلى أجل، وهو من جنس بيع الدين بالدين؛ ولهذا قال: «لا يصرفه إلى غيره» أي لا يصرف المسلم فيه إلى مسلم فيه آخر) (٤).

الدليل الثاني: الإجماع، قال ابن قدامة: (أما بيع المسلم فيه قبل قبضه) يعني على غير المسلَم إليه (فلا نعلم في تحريمه خلافًا) (٥).

المناقشة: قال أبو العباس ابن تيميّة: (وأما ما ذكره الشيخ أبو محمد في مغنيه ... فقال - رحمه الله - بحسب ما علمه، وإلا فمذهب مالك أنه يجوز بيعه من غير المستسلِف كما يجوز عنده بيع سائر الديون من غير من هو عليه، وهذا أيضًا إحدى الروايتين عند أحمد) (٦) وقال ابن قيم الجوزية:


(١) الإنصاف ١٢/ ٢٩٢.
(٢) مجموع الفتاوى ٢٥/ ٥١٣، الإنصاف ١٢/ ٢٩٢.
(٣) رواه أبو داود، كتاب البيوع، باب من أسلف في شيء ثم حوَّله إلى غيره (٥/ ٣٣٩) (ح ٣٤٦٨)، وابن ماجه، أبواب التجارات، باب من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره (٣/ ٣٨٥) (ح ٢٢٨٣)، والدارقطني، كتاب البيوع (٢/ ٦٤٠ - ٦٤١) (ح ٢٩٤٥)، قال ابن حجر: (وفيه عطية بن سعد العوفي، وهو ضعيف، وأعله أبو حاتم والبيهقي وعبد الحق وابن القطان بالضعف والاضطراب). وإنما أعله أبو حاتم بالوقف، وممن ضعفه المنذري وابن تيميّة وابن قيم الجوزية والألباني، وقال عنه الترمذي: (وهو حديث حسن). علل الترمذي الكبير ص ١٩٥، كتاب العلل لابن أبي حاتم (ح ١١٥٨)، مختصر السنن وتهذيب السنن ٥/ ١١٣،١١٧، مجموع الفتاوى ٢٩/ ٥١٩، التلخيص الحبير ٤/ ١٧٩٤، الإرواء ٥/ ٢١٥، وجاء موقوفًا على ابن عمر - رضي الله عنهما -، كما سيأتي ضمن أدلة القول الثالث.
(٤) مجموع الفتاوى ٢٩/ ٥١٧،٥١٩، والجواب الثاني يؤيد القول الأول.
(٥) المغني ٦/ ٤١٥، الشرح الكبير ١٢/ ٢٩٢ - ٢٩٣، وينظر نهاية المطلب ٦/ ٢١.
(٦) مجموع الفتاوى ٢٩/ ٥٠٦، ثم قال ص ٥١١: (ومالك استثنى الطعام؛ لأن من أصله أن بيع الطعام قبل قبضه لا يجوز، وهي رواية عن أحمد).

<<  <   >  >>