للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمام عثمان - رضي الله عنه - فأقره، ومثل هذا خارج عن محل النزاع؛ لحصول الإذن فيه.

الدليل الثاني: أن الوكيل له أن يتصرف بنفسه، فملك التوكيل نيابةً قياسًا على المالك (١).

المناقشة:

١. ليس للوكيل أن يتصرف بنفسه تصرفًا مطلقًا، وإنما في حدود ما وكل إليه.

٢. أن الوكيل ليس كالمالك، فإن المالك يتصرف بنفسه في ملكه كيف شاء، بخلاف الوكيل.

الترجيح

الراجح عدم جواز توكيل الوكيل في ما يقوم مثله به ولا يعجز عنه بنفسه.

سبب الترجيح: قوة أدلة هذا القول ومناقشة أدلة الطرف الآخر.

تنبيهات:

الأول: في حالات الجواز يشترط أن يكون وكيل الوكيل أمينًا (٢).

الثاني: اختلف الفقهاء في وكيل الوكيل هل يكون وكيلًا للموكل أو للوكيل، وينظر ذلك في محله (٣).

الثالث: يشكل على صحة الإذن الحكمي أو العرفي حديث: «إني لأجد طعم شاة ذُبحت بغير إذن صاحبها» فقالت صاحبة الدعوة: يا رسول الله، أخي، وأنا من أعزِّ الناس عليه، ولو كان خيرًا منها لم يغيِّر علي، وعلي أن أرضيه بأفضل منها. فأبى أن يأكل منها وأمر بالطعام للأسارى (٤).

وجه الإشكال: أن الإذن الحكمي حاصلٌ لهذه المرأة ولم يقرّها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدلَّ على عدم اعتباره.

والجواب عن ذلك أن وجه اعتباره محكم، وهو قوله - سبحانه وتعالى -: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ} الآية، النور: (٦١)، وهذا الحديث متشابه، فليُبحث له عن محمل.


(١) المغني ٧/ ٢٠٩.
(٢) نص عليه جمهور الفقهاء، ينظر-مثلًا-: مواهب الجليل ٧/ ١٩٣، المهذب ١٥/ ٢٦٦، نهاية المحتاج ٥/ ٢٩، المغني ٧/ ٢٠٩، الإنصاف ١٣/ ٤٥٩، واستثنى الشافعية والحنابلة ما إذا عيّنه الموكل.
(٣) الاختيار ٢/ ١٦٣، حاشية الدسوقي ٣/ ٣٨٨، نهاية المطلب ٧/ ٣٨ - ٣٩، الإنصاف ١٣/ ٤٥٩ - ٤٦٢.
(٤) رواه الدارقطني، الصيد والذبائح والأطعمة (٣/ ٥٤١) (ح ٤٦٧٩)، وأصل القصة بألفاظ أخرى عند أبي داود (ح ٣٣٣٢) وأحمد (ح ٢٢٥١٠) وغيرهما.

<<  <   >  >>