للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن قال إنها إباحة منافع منع المستعير من الإعارة بلا إذن أو كان ذلك لازم قوله، ومن قال إنها تمليك أجاز الإعارة للمستعير.

وإن كان يَرِد عليه التفريق بين تمليك المنفعة وتمليك الانتفاع (١).

الأدلة:

دليل القول الأول: أن المعير سلّط المستعير على تحصيل المنافع وصرفها إلى نفسه على وجه زالت يده عنها، والتسليط على هذا الوجه يكون تمليكًا لا إباحة كما في الأعيان (٢).

المناقشة: اليد الحكمية للمعير باقية على العارية بدليل ملك استرجاعها وتعلق حقه بالعين؛ لأنه إنما أعطى المنفعة.

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: أنها تبرعٌ لم يتصل به القبض فلا يملك به الإعارة كالهبة.

الدليل الثاني: أن المستعير لو ملك بالإعارة ذلك لملك الاعتياض عنها كالمشتري والموهوب (٣).

الترجيح

الراجح أن العارية إباحة، وأن المستعير ليس له أن يعير إذا أطلق له المعير الإعارة.

سبب الترجيح:

١. الأدلة المذكورة.

٢. البقاء على الأصل، وهو حرمة مال غيره واحترامه، وحفظه من التصرف غير المأذون فيه.

٣. أن في ذلك تحقيقًا لمصلحة الشارع في سد باب الخصومات، وحفاظًا على مبدأ الإحسان والبذل؛ لأن جواز إعارة المعار يجعل أرباب العواري يمتنعون عن العارية خشية ضياعها أو تلفها أو نقصها ونحو ذلك.

تنبيه:

إذا أعار المعير فتلفت العارية عند المستعير الثاني فاختلف العلماء في ضمان العارية (٤).


(١) الفروق للقرافي، الفرق الثلاثون ١/ ٣٢٣، حاشية الدسوقي ٣/ ٤٣٣، بدائع الفوائد ١/ ٤ - ٥، تقرير القواعد، قاعدة ٨٦ (٢/ ٢٨٣)، المدخل الفقهي العام ١/ ٣٧٣.
(٢) بدائع الصنائع ٦/ ٣٣٩.
(٣) تكملة المجموع (الاستقصاء للماراني) ١٥/ ٤٤٩.
(٤) مجمع الضمانات ١/ ١٦٤، الأوسط ١١/ ٣٦٥، المغني ٧/ ٣٤٧.

<<  <   >  >>