للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم (١).

وجه الدلالة: أن السلع تشمل المطعوم والمكيل والموزون والعقار والمنقول وغيرها، وقد نهي عن بيعها بنص الحديث قبل الحيازة.

المناقشة:

١. أن ابن عمر -رضي الله عنهما- ممن روى أحاديث الباب فكيف يخفى عليه الحكم، فلا يخلو إما أنه خاص بالطعام؛ لأن المبيع كان زيتًا لذلك رواه ابن عمر بلفظ الطعام وإما أن الحديث ضعيف.

الجواب: أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والسبب هنا سبب الرواية لا سبب الورود، أي سبب إيراد راوي الحديث واستشهاده به لا سبب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - له، واللفظ الذي نقله زيد س عام، والصحابي قد ينسى فإذا ذُكِّر تذكّر.

٢. تخصيص «السلع» بالطعام لما في الأحاديث الأخرى، وهي أصح.

الجواب: نفي التعارض الداعي للترجيح بالأصحية، أو للجمع بالتخصيص، فإنه -كما سبق- ذكر فردٍ من أفراد العام بما يوافق حكم العام لا يقتضي التخصيص.

الدليل الثاني: عن حكيم بن حزام - رضي الله عنهما - قال: قلت: يا رسول الله، إني أشتري بيوعًا فما يحل لي منها وما يحرم عليَّ؟ قال: «فإذا اشتريت بيعًا فلا تبعه حتى تقبضه» (٢).


(١) رواه أبو داود، كتاب البيوع، باب في بيع الطعام قبل أن يستوفى (٥/ ٣٥٨) (ح ٣٤٩٩)، والدارقطني، كتاب البيوع (٢/ ٥٨٠) (ح ٢٧٩٤)، والحاكم، كتاب البيوع (٢/ ٤٠)، والبيهقي، كتاب البيوع، باب قبض ما ابتاعه جزافًا بالنقل والتحويل (٥/ ٣١٤)، وبنحوه رواه أحمد (٣٥/ ٥٢٢) (ح ٢١٦٦٨)، وابن حبان، كتاب البيوع، ذكر الخبر المصرح أن حكم الطعام وغيره من الأشياء المبيعة فيه سواء (١١/ ٣٦٠) (ح ٤٩٨٤)، والدارقطني، كتاب البيوع (٢/ ٥٨٠) (ح ٢٧٩٢ - ٢٧٩٣)، صححه ابن حبان والحاكم والنووي، وقال ابن عبد الهادي: (إسناده جيد)، وقد أعله ابن حزم بجهالة أحمد بن خالد الوهبي، راويه عن ابن إسحاق، وجوابه من وجهين: أن أحمد قد وثقه ابن معين وغيره، وقد توبع، تابعه إبراهيم بن سعد الزهري، كما عند أحمد وابن حبان. وأعل بعنعنة ابن إسحاق، وجوابه من أوجه: أولًا أنه صرَّح بالسماع عند أحمد وابن حبان، ثانيًا أنه متابع، تابعه جرير بن حازم وغيره، كما عند الدارقطني، ثالثًا لو لم يفرض شيء من ذلك فالعنعنة بذاتها لا تقتضي تضعيف حديث ابن إسحاق حتى ينفرد بما يستنكر، والأصل أن حديثه حسن، ينظر سير أعلام النبلاء (٧/ ٤٨،٤١)، وأعله بعض المشايخ من المعاصرين بأن عبيد بن حنين لم يسمع من عبد الله بن عمر، ولم يعزه إلى أحد، ولم أجد من ذكر ذلك غيره. المحلى ٨/ ٥٢٤، المجموع ١٠/ ٤٢٠، تنقيح التحقيق ٤/ ٥٦.
(٢) رواه عبد الرزاق، كتاب البيوع، باب النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى (٤/ ٣٩) (ح ١٤٢١٤)، وأحمد (٢٤/ ٣٢) (ح ١٥٣١٦)، وابن الجارود (ح ٦٠٢ المنتقى مع غوث المكدود)، وابن حبان، كتاب البيوع، ذكر الخبر الدال على أن كل شيء بيع سوى الطعام حكمه حكم الطعام (١١/ ٣٥٨) (ح ٤٩٨٣)، والدارقطني، كتاب البيوع (٢/ ٥٧٦) (ح ٢٧٨٣)، والبيهقي، كتاب البيوع، باب النهي عن بيع ما لم يقبض وإن كان غير طعام (٥/ ٣١٣)، فيه عبد الله بن عصمة الجشمي، قال عنه ابن حزم: (متروك) وقال عبد الحق الإشبيلي: (ضعيف جدًا) وضعفه ابن القطان، ولكن قال ابن عبد الهادي: (وكلاهما مخطئ في ذلك، وقد اشتبه عبد الله بن عصمة هذا بالنصيبي أو غيره ممن يسمى عبد الله بن عصمة، والله أعلم) وقال ابن حجر: (وهو جرح مردود، فقد روى عنه ثلاثة واحتج به النسائي) والحديث قال عنه البيهقي: (إسناد حسن متصل) واستدركه ابن التركماني بما سبق عن عبد الحق ومن معه، وتقدم ما فيه، كما حسنه النووي، واحتج به ابن حزم، فقد أجاب عن علله، ومن منهجه ألا يحتج إلا بالحديث الصحيح عنده، وقال ابن عبد البر: (وهذا الإسناد وإن كان فيه مقال ففيه لهذا المذهب استظهار). التمهيد ١٦/ ٥٢٨، المحلى ٨/ ٥٢٤،٥١٩، المجموع ١٠/ ٤٢٠، بيان الوهم والإيهام ٢/ ٣٢٣، تنقيح التحقيق ٤/ ٥٥، التلخيص الحبير ٤/ ١٧٢٨، الجوهر النقي ٥/ ٣١٣، نصب الراية ٤/ ٣٢، وينظر في عبد الله بن عصمة النصيبي: الكامل ٥/ ٣٥٢.

<<  <   >  >>