فهما الحريصان كل الحرص على سعادة الولد، فيكدحان في هذه الحياة في سبيل راحته، لِما يحملان بين جوانحهما من حب عميق لا يصفه واصف، ورحم الله القائل: وانما أولادنا بيننا ... أكبادُنا تمشي على الأرض لو هبت الريحُ على بعضهم ... لا متنعتْ عيني من الغُمْضِ فهما لا يقسوان إلا لمصلحة، ولا يزجران إلا لفائدة: فلا يُتهمان أبدًا في مجال التأديب. فإفتاء المؤلف رحمه الله بجواز الضرب والخدمة من هذا القبيل؛ ولكن المصلحة تتفاوت على حسب الولد سنًا، وعلمًا، ومنزلة: فمنهم مَنْ تكفيه الإشارة، ومنهم من تكفيه العبارة، ومنهم من لا يأتي إلا بالعتب، ومنهم من لا ينزجر إلا بالعصا والتوبيخ. وصدق مَنْ قال: العبد يُقرعُ بالعصا ... والحر تكفيه المقالة وقال آخر: تكفي اللبيبَ إشارةٌ مرموزةٌ ... وسواه يُدعى في النداء العالي =