حمدًا لله جل وعلا، وصلاة وسلامًا على سيدنا محمد مَنْ بأخلاق الله تَحَلَّى. وبعد؛ فلقد رأيت من اللازم عليَّ، أن أذكر بعضَ مآثر الإِمام المؤلف، وموجزَ حياته، متبركًا بأستاذنا وإمامنا وقدوتنا، عَلَمِ الأعلام، وقدوة العبَّاد، ومفخرة الزهاد، الذي ترك أثرًا حسنًا لا يُنسى، وعلمًا غزيرًا لا يَدْرُسْ، وورعًا صحيحًا أتعب مَنْ بعده مِنَ الخلف، وذكَر الناسَ عمليًّا بحياة السلف. عزفت نفسه -رحمه الله تعالى- عن الدنيا، فصام نهارَها وقام ليلها، وزهد في مناصبها، فما نال منها ولا نالت منه، عاش عيشةَ المتواضعين النبلاء، ومات ميتة العارفين السعداء.
فَاللهَ أسأل أن ينفعني به على قدر حبي له، واعتقادي به؛ وأن يَسْعِدَني وإخواني وأحبابي بعباده الصالحين، وبالعلماء العاملين.
فأقول: نقلًا عن النسخة القديمة مع بعض التصرف:
هو الإمام أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي الدمشقي محرر المذهب ومهذبه، ومحققه ومرتبه، إِمام أهل عصره عِلْمًا وعبادة، وسيدُ أوانه ورعًا وسيادة، العَلم المفرد، عابدُ العلماءِ، وعالم العُبّاد، وزاهد المحققين، ومحقق الزهاد، لم تسمع بعد التابعين بمثله أذنٌ، ولم تر ما يدانيه عينٌ، راقبَ الله في سره وجهره، ولم يبرح طرفةَ عين