وجاءت بذلك الأحاديث المتواترة من طرق متعددة تفيد القطع عند من أحاط بها ونظر فيها. وجعل الله له آيةً على صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء به من الهدى ودين الحق، حيث كان ذلك وقتَ إشارته الكريمة. وقد صرح القرآن الكريم بهذا حيث قال: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}. سورة القمر: الآية ١. أي: رأوا شقيه. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: اجتمع المشركون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم الوليد بن المغيرة وأبو جهل، والعاص بن وائل وغيرهم من رؤوس الشرك والضلال. فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن كنتَ صادقًا فشق لنا القمر فرقتين نصفًا على أبي قبيس، ونصفًا على قيقعان. فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن فعلت تؤمنوا؟ ". قالوا: نعم! وكانت ليلةَ بدر. فسأل الله عز وجل أن يعطيه ما سألوا، فأمسى القمر قد سلب نصفًا على أبي قبيس، ونصفًا على قيقعان ورسول الله ينادي: "اشهدوا". أقول: فانشقاق القمر معجزة من أبرز المعجزات، وآية من أبين الآيات جاءت من طرق متعددة، قوية الأسانيد تفيد القطع لمن تأملها وعرف عدالة رجالها. وما يذكره بعض القصاص من أن القمر سقط إلى الأرض حتى دخل في كم النبي - صلى الله عليه وسلم -. وخرج من الكم الآخر فلا أصل له، وهو كذب مفترى ليس بصحيح. انظر البداية والنهاية ٣/ ١٢٢ لابن كثير. اهـ محمد.