ما روي أنه عليه الصلاة والسلام لما أصبح ليلة أسريَ به، غدا إلى نادي قومه، فجاء إليه أبو جهل فحدثه بما جرى له؛ فقال أبو جهل: يا بني كعب بن لؤي هلموا! فأقبل عليه كفار قريش، فأخبرهم عليه الصلاة والسلام الخبر؛ فصاروا بين مصفق، وواضع يده على رأسه تعجبًا وإنكارًا؛ وارتد ناس ممن كان آمن به من ضعفاء القلوب، وسعى رجال إلى أبي بكر، وأخبروه الخبر، فقال رضي الله عنه: إن كان قال ذلك لقد صدق؛ قالوا أتصدقه على ذلك؟ قال: إني لأصدقه على أبعدَ من ذلك؛ فسمي من ذلك اليوم صديقًا. أما مقالته في الحديبية: ما روي أنه عليه الصلاة والسلام لما نزل عند رغبة قريش حينما عرضوا عليه شروط الصلح وكانت ثقيلةً على قلوب الصحابة رضي الله عنهم، ولا سيما الشرط الثالث وهو صد المسلمين عن الطواف بالبيت فكان أشدَّ تأثيرًا في قلوبهم؛ لأن الرسول أخبرهم أنه رأى في منامه أنهم دخلوا البيت آمنين - ورؤيته عليه الصلاة والسلام حق لا يدخلها تخلف فدخل بعض الشك قلوب شيوخ الصحابة وكبارهم، حتى سأل عمر أبا بكر عن هذا الأمر الذي أوقع الناس في قلق واضطراب، فأجاب أبو بكر رضي الله عنه جوابًا أزال فيه الشكوك قائلًا: وهل ذكر -يا عمر- أنه في هذا العام. وهذا دليل على أن الصديق كان أرسخ إيمانًا من غيره وأعمق يقينًا. أقول: فالمؤلف رحمه الله قد بسط هذا الموضوع: ونقل أقوال الأئمة في ذلك مع ذكرِ كل دليلَه، في شرحه لصحيح مسلم: ١/ ١٤٦ "كتاب الإيمان" حتى قال ابن بطال فيه: فإيمان من لم تحصل له الزيادة ناقص. اهـ. محمد.