للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بابٌ في الرقَائِق والمنثورَاتِ

وفيه ست مسائل

[الانقطاع والاختلاط]

١ - مسألة: هل الانقطاع إِلى الله تعالى في برية معتزلة عن الناس أفضل، أم الإِقامة في البلد بسبب الجماعة (١)؟.

الجواب: إن خاف ضرًا في دينه بالِإقامة في البلد فالأفضل له الانقطاع في البرية، أو في قرية لا ضرر عليه فيها في دينه، وإِن لم يلحقه ضررٌ في دينه فالِإقامة في البلد.

فالِإقامة به لشهود جماعات المسلمين وشعائرهم وحِلَقِ ذكرهم ونحو ذلك أفضلُ، وينبغي له حينئذ أن لا يجالس من يخاف منه ضررًا


(١) اعلم أن من السلف من آثر العزلة لفوائدها: كالمواظبة على العبادة، والفكر، وتربية العلم، والتخلص من ارتكاب المناهي التي يتعرض الإنسان لها بالمخالطة: كالرياء، والغيبة، والسكوت عن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومسارقة الطبع الأخلاقَ الرديئة، والأعمالَ الخبيثة: من جلساء السوء إلى غير ذلك.
وأما أكثر السلف: فذهبوا إلى استحباب المخالطة، واستكثار المعارف والإخوان، والتآلف والتحبب إلى المؤمنين، والاستعانة بهم في الدين تعاونًا على البر والتقوى.
وإن فوائد العزلة المتقدمة يمكن نيلها من المخالطة بالمجاهدة، ومغالبة النفس.
وبالجملة: فللمخالطة فوائدُ عظيمةٌ تفوت بالعزلة.
فإن قلت: ما هي فوائد المخالطة والدواعي إليها؟.
فاعلم! أنها هي التعليم والتعلم، والنفع والانتفاع، والتأدب والتأديب، والاستئناس والإيناس، ونيل الثواب وإنالته في القيام بالحقوق، أو اعتياد التواضع، أو استفادة التجارب من مشاهدة الأحوال والاعتبار بها. اهـ. من موعظة المؤمنين: ١/ ١٦٧.

<<  <   >  >>