ولا شك في أنه دجَّال من الدجاجلة. قال العلماء: وظاهر الأحاديث، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لم يُوح إليه بأنه المسيح الدجال، ولا غيره، وإنما أوحي إليه بصفات الدجال. وكان في ابن صياد قرائن محتملة؛ فلذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقطع بأنه الدجال ولا غيرُه، ولهذا قال لعمر رضي الله عنه إن يكن هو فلن تستطيع قتله. لما ذكر عليه الصلاة والسلام حديثه، وعرض الإسلام عليه حيث قال له: "تربت يداك أتشهد أني رسول الله؟ " فقال: لا؛ بل تشهد أني رسول الله؟ فقال عمر: ذرني يا رسول الله حتى أقتله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن يكن الذي ترى فلن تستطيع قتله". وأما احتجاجه "هو" بأنه مسلم، والدجال كافر، وبأنه لا يولد للدجال، وقد ولد له وأن لا يدخل مكة والمدينة، وأن ابن صياد دخل المدينة، وهو متوجه إلى مكة فلا دلالة له فيه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إنما أخبر عن صفاته وقت فتنته وخروجه في الأرض، ومن اشتباه قصته، وكونه أحدَ الدجاجلة الكذابين. اهـ. من صحيح مسلم ١٨/ ٤٦. أقول: وقد ذكر الإمام مسلم في صحيحه أحايث مستقلة مبوبًا لها بابًا خاصًا، وأطال الحديث عنه مع إسهاب فيه، واختلاف روايات: ألفاظها مختلفة، ومعناها واحد، ثم انتقل لذكر الدجال، الذي هو أمارة من أمارات الساعة، وعلامة من علاماتها الكبرى، ولو أنه هو الدجال لما بوب لكلٍ منها بابًا مستقلًا والله أعلم. روي عن أوس بن أوس رضي الله تعالى عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن من أفضل أيامكم يومَ الجمعة، فيه خُلِق آدمُ، وفيه قُبِضَ، وفيه النفخةُ، وفيه الصعقةُ، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليَّ"، قالوا: يا رسول الله!! وكيف تُعرض صلاتُنا عليك وقد أرِمْتَ؟ فقال: "إن الله عز وجل حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء،. رواه أبو داود والنسائي. وعن عبد الله بن أبي أوفى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أكثروا الصلاة عليَّ يوم الجمعة، فإني أبلَّغ وأسمع". رواه الشافعي وابن ماجه. فقوله عليه الصلاة والسلام "معروضة عليَّ". بأمر الله تعالى، فيسمعها فينسر بها؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - في قبره حي، ويفرح بصلاة المصلين عليه، ففيها رفعُ درجات له ولهم، وذكرى من الأمة لنبيها في يوم عيدهم، الذي =