للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قال: هذا هو الحق، وقد جُرّبَ فوجد كذلك ...
وبه تحصل الفائدة الكبرى في رؤياه عليه الصلاة والسلام، حتى يظهر الرائي هل عنده خلل أم لا؟.
لأن المصطفى عليه الصلاة والسلام نوراني كالمرآة الصقيلة، فما كان في الناظر فيها من حُسْن وغيره، تصور فيها وهي في ذاتها حسنة، لا نقص ولا شين فيها.
وكذا يقال: في كلامه في النوم، فما وافق سنة فهو حق، وما لم يوافقها فخلل في سمع الرائي. اهـ.
فإن قيل: كيف يُرى على خلاف صورته المعروفة، أي الحقيقة، في حالة واحدة، فى مكانين، والبدن الواحد لا يكون إلا في مكان واحد؟؟.
قلنا: التغيير في صفاته لا في ذاته، فتكون ذاته حيث شاء الله تعالى.
وصفاته متخيلة في الأذهان والإدراك، ولا يشترط فيه تحقق الإبصار، ولا قرب المسافة، ولا كون المتخيل ظاهرًا على الأرض حيًا حياة دنيوية وإنما الشرط كونه موجودًا.
وقد أنكر الإمام القرطبي، رؤياه الحقيقية أشدَّ الإنكار.
وقال: لا يتفوه بالتزامها من له مسكة من عقل، وملتزم ذلك مختل ومخبول.
إذ يلزم ذلك أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها، وأن لا يراه اثنان في وقت واحد.
وقد أسهب الإمام القرطبي قلمه حول هذا مثبتًا أن الرؤيا للصفات لا للذات.
ولسلفنا الصوفية ما يوافق ذلك، وإن اختلف اللفظ حيث قالوا: هذا ميزانٌ يجب التنبه له.
وهو أن الرؤيا الصحيحة أن يُرى بصورته الثابتة بالنقل الصحيح: فإن رآه بغيرها كطويل، أو قصير، أو شيخ أي هرم، أو شديد السمرة لم يكن رآه.
وحصول الجزم في نفس الرائي بأنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - غير حجة، بل ذلك المرئي صورة الشرع بالنسبة لاعتقاد الرائي، أو خياله، أو صفته، أو بالنسبة للرائي الذي رآه في تلك الصورة. اهـ. ببعض تصرف واختصار .. انظر فيض القدير للإمام المناوي: ٦/ ١٢٩. فقد بسط هذا الموضوعَ بَسْطًا جَيدًا.

<<  <   >  >>