فالخلاف يُرْفَعُ بالرّجوع إلى الكتاب والسُّنَّة، وبفهم سلف هذه الأمَّة، والعلماء المخلصين، الَّذين لا يخلو منهم زمان، والَّذين أحال الله تعالى عليهم في كتابه المكنون بقوله: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (٨٣)} [النّساء] وقوله: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣)} [النحل].
وقد رأينا كيف أنَّ معاوية - رضي الله عنه - دعا عليّاً - رضي الله عنه - إلى كتاب الله يوم صفّين، وأنَّ عليّاً - رضي الله عنه - لم يتوقَّف، وإنَّما رأى أنَّه الأولى بذلك، أخرج أحمد بسند صحيح أنَّ عَمْرو بن الْعَاص قال لِمُعَاوِيَةَ:
ومن الأمور الّتي يرفع بها الخلاف التَّحكيم، وذلك بأن يُنْتَدب رجلان مرضيّان فيحكمان فيما شَجَرَ بما أنزل الله تعالى، فيوم صفِّين حكَّموا صحابيّين جليلين، وهما أبو موسى الأشعريّ - رضي الله عنه -، وعمرو بن العاص - رضي الله عنه -.
ومِن الأمور الّتي يحسم بها الخِلاف المصالحة والتَّنازل، فقد صَالَحَ الحسن - رضي الله عنه - معاوية - رضي الله عنه - لمصلحة المسلمين، وتنازل له عن الخلافة، قطعاً لدابر الخلاف، وحقناً للدِّماء، وتحقيقاً لِرَجَاءِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " إنّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ