للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإبليس وجنوده لهم حيل في التَّلبيس على النَّاس وإضلالهم، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ (٢١)} [النّور]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢)} [يس]. وأعلمنا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ مع كلِّ إنسان شيطاناً (وهو القرين) لنحذر من فتنته ووسوسته، فقد قال - صلى الله عليه وسلم - يوماً لعائشة - رضي الله عنها -: " مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ، أَغِرْتِ؟ فَقُلْتُ: وَمَا لي لَا يَغَارُ مِثْلي عَلَى مِثْلِكَ، فَقَالَ: رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، أَوَمَعِي شَيْطَانٌ؟! قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَمَعَكَ يَا رَسُولَ الله؟! قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ" (١).

والحاصل التَّحذير مِنْ فتن إبليس ومكايد الشَّيطان ورد في الكتاب والسُّنَّة في غير موضع، فلا يستخفَّنَّكم الشَّيطان: {وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٥)} [فاطر].

وقد أمر الله تعالى بالتَّعوّذ مِنَ الشَّيطان عند قراءة القُرآن، فقال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)} [النَّحل] فإذا كان الله تعالى قد أمر بالتَّعوِّذ من شرِّ الشَّيطان عند قراءة القرآن، فكيف في غيره؟!

وقد ورد الأمر بالاستعاذة من الشَّيطان في غير هذا الموضع، قَال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ (٢٠٠)} [الأعراف]، وقال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَهِ النَّاسِ (٣) مِنْ


(١) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّوويّ" (م ٩/ج ١٧/ص ١٥٨) كتاب صفة القيامة.

<<  <   >  >>