للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عِوَجًا (٣)} [إبراهيم]. وكم هم الَّذين يسعون لإفساد الصَّفِّ من المنافقين: {يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ (٤٧)} [التّوبة]. وكم هم الَّذين يبغون لنا الغوائل من أهل الزَّيغ: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ (٧)} [آل عمران]، والدَّاهِيَةُ الشَّنْعاءُ، والغارة الشَّعواء، أنّه لا يخلو منهم زمان ولا مكان ولا عَصْر ولا مِصْر.

ومن أسباب الفتنة: عدم موالاة المؤمنين بعضهم بعضاً. قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (٧٣)} [الأنفال]. فالله تعالى يخبرنا بأنَّ الكفَّار بعضهم أولياء بعض، وأنَّه إذا لم يوال بعضنا بعضاً كما يفعل هؤلاء، تقع فتنة وفساد كبير؛ لوجود الموالاة والوحدة والقوَّة بينهم، ووجود المعاداة والتَّفرُّق والضَّعف بيننا.

ولذلك امتدح الله تعالى الصَّحابة على موالاتهم بعضهم بعضاً، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (٧٢)} [الأنفال].

وأوجب الله تعالى على المؤمنين والمؤمنات أنْ يوالوا بعضهم بعضاً، فقال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (٧١)} [التّوبة].

وقد دعا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الوحدة والتّعاون بين المؤمنين في غير حديث، فقال - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّ المؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَشَبَّكَ - صلى الله عليه وسلم - أَصَابِعَهُ " (١).


(١) البخاري "صحيح البخاري" (م ١/ج ١/ص ١٢٣) كتاب الصّلاة.

<<  <   >  >>