للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ" (١). فهذه الأعمال الثلاثة تُسْقِطُ الذُّنوبَ الَّتي تقدَّمَتْهَا وتجبُّها كلَّها.

ومن معالم الهدى أن يجتنب المسلم العجلة والخفَّة والإسراع إلى الفتن، ويَلْزَم التُّؤَدَة والتَّأني والرِّفق والسَّكينة والأَناة، فالعجول زاده الخطأ، فَقَلَّ مَنْ عَجِلَ في أمر إلَّا أخطأ قصد السَّبيل.

أخرج البخاري في الأدب المفرد وصيَّة للخليفة عليّ - رضي الله عنه - بإسناد صحيح

عن حكيم، قَال سمعت عَليّاً - رضي الله عنه -، يقول: "لا تَكُونُوا عُجُلاً (٢)، مَذاييعَ (٣) بُذُرَاً (٤)، فَإنَّ مِن وَرائِكُم بَلاءً مُبْرَحَاً مُكلحاً (٥)، وأموراً متماحِلةً رُدُحاً" (٦).

بدأ عليّ - رضي الله عنه - وصيَّته بالنَّهي عن العجلة في ملابسة الفتن، لأنَّ الفتنة مَنْ تشوَّف وتطلَّع إليها تدعوه إلى الوقوع فيها، وتصيبه بشرورها، قال - صلى الله عليه وسلم -: "سَتَكُونُ فِتَنٌ: القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ القَائِمِ، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الماشِي، وَالماشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لها تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا، فَلْيَعُذْ بِهِ" (٧).

وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "إنها ستكونُ هَنَات وأمور مشبهات،


(١) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ١/ج ٢/ص ١٣٨) كتاب الإيمان.
(٢) من العجلة.
(٣) جمع مذياع، وهو من أذاع الشّيء.
(٤) لا يكتم سرّاً.
(٥) يجعل النَّاس كالحين عابسين.
(٦) البخاري" الأدب المفرد" (ص ١٥٥/رقم ٣٢٧) كتاب حسن الخلق، باب العيَّاب.
(٧) البخاري "صحيح البخاري" (م ٢/ج ٤/ص ١٧٧) كتاب المناقب.

<<  <   >  >>