للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت - رضي الله عنها - قد أوصت عبد الله بن الزُّبير - رضي الله عنهما - أنْ تُدْفَنَ مع صواحبها أمَّهات المؤمنين في البقيع مدفن أهل المدينة، وقالت له: "ادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي، وَلَا تَدْفِنِّي مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي البَيْتِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُزَكَّى" (١).

وفي الصَّحيح عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ: " ائْذَنِي لِي أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ، فَقَالَتْ: إِي وَالله، قَالَ: وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرْسَلَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّحَابَةِ، قَالَتْ: لَا والله، لَا أُوثِرُهُمْ بِأَحَدٍ أَبَدًا" (٢).

من حقوق النّبيّ الأمين - صلى الله عليه وسلم - توقير أمّهات المؤمنين

أوجب الله تعالى تعظيم الفاضل في الدُّنيا على المفضول، مثل تفضيل النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على سائر النَّبيِّين، وسائر الصَّحابة على سائر التَّابعين فإذا تقرّر ذلك، فإنّا لا نرى أَوْجَبَ بعد تعظيمه - صلى الله عليه وسلم - من تعظيم زوجاته، اللّواتي أكرمهنَّ اللهُ بصحبة رسوله، وجعلهنَّ أمَّهات للمؤمنين: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ (٦)} [الأحزاب] فأوجب لهنَّ حقَّ الأمومة على كلّ مؤمن، ولا يخفى ما للأمِّ من عظيم حقّ، فكيف بأمّهات المؤمنين المخاطبات بقوله سبحانه: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ (٣٢)} [الأحزاب]! والمحسنات اللّواتي اخترن الله ورسوله والدَّار الآخرة: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)} [الأحزاب].


(١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٤/ج ٨/ص ١٥٣) كتاب الاعتصام.
(٢) المرجع السَّابق.

<<  <   >  >>