للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كالسَّمِّ النّاقِع، ومن الخَلْق خَلْق هان عليهم أمر الله تعالى ونهيه {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ (٦٧)} [الزّمر]، ومنهم مَنْ لم يعرف فضل النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وصحبه - رضي الله عنهم -، فكيف لهم أن يعرفوا فضلك، أو أن ينزلوك منزلتك؟!

وهذا الأذى والبلاء الَّذي لحق بطيِّبة طَابَة عائشة - رضي الله عنها - تكاد تذوب منه القلوب، وتذهل له العقول، فكيف بمن تجرَّعه أَنْفَاساً، وشَرِبَه عَلَلًا بَعْدَ نَهَلٍ؟! قال ابن القيّم ـ رحمه الله ـ:"واتَّفقت الأمَّة على كفر قاذفها" (١).

قلت: ذلك لأنَّ الطَّعن بأمِّ المؤمنين - رضي الله عنها - بعد أن برَّأها الله تعالى في كتابه فيه تكذيب صريح لكلام الله تعالى الَّذي برَّأها، وفيه أذىً للرَّسول - صلى الله عليه وسلم -، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي؟! "وأذيَّة الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - حرام بالاتِّفاق.

كذلك فيه تنقُّص للرَّسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لقوله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ (٢٦)} [النُّور] وما كان الله تعالى ليجعلها زوجة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لولا أنَّها مبرّأة وطيِّبة من سلالة طيِّب، كما قال تعالى: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ (٢٦)} [النُّور] فقد كانت أحبَّ أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه، وما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحبَّ إلَّا طيّباً.

وبالجملة، الوَقِيعَة في عائشة - رضي الله عنها - فيها أذىً لله تعالى وللرَّسول - صلى الله عليه وسلم -، وفيها أذى للمؤمنين والمؤمنات، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ


(١) ابن القيّم "زاد المعاد" (م ١/ص ١٠٣).

<<  <   >  >>