للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأصل في «الاتباع» المشي خلف الإنسان؛ وهو يختلف باختلاف السياق: إن تعلق بأمور حسية فمعناه: أنك تمشي خلفه في الشارع، وما أشبه ذلك؛ وإن تعلق بأمور معنوية يكون المراد به التأسي بأفعاله، وأقواله؛ وهنا علق بأمور معنوية؛ فيكون المراد به التأسي بأقواله وأفعاله.

وقوله تعالى: {ممن ينقلب على عقبيه} أشد مما لو قال: ممن لم يتبع الرسول؛ لأن الانقلاب على العقب أشد نفوراً، واستنكاراً ممن وقف.

قوله تعالى: {وإن كانت لكبيرة}؛ الضمير يعود على الواقعة؛ يعني: وإن كانت هذه الواقعة ــ وهي تحويل القبلة ــ لكبيرة؛ و {إن} هنا مخففة من الثقيلة؛ واسمها ضمير الشأن؛ والتقدير: وإنها كانت لكبيرة؛ واللام هنا للتوكيد؛ ويجوز أن نقول: إنها للفصل بين «إنْ» النافية، و «إنْ» المخففة؛ و {كبيرة} أي عظيمة شاقة؛ فالكبَر يراد به الشيء الشاق العظيم؛ ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في صاحبَي القبرين: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير» (١)، أي في أمر شاق عليهما.

قوله تعالى: {إلا على الذين هدى الله}؛ {الذين} اسم موصول؛ والعائد ضمير منصوب محذوف؛ والتقدير: إلا على الذين هداهم الله؛ والمراد بالهداية هنا هداية العلم، وهداية التوفيق؛ أما كونها هداية العلم فلأن الذين يخشون الله هم العلماء، كما قال الله


(١) أخرجه البخاري ص ٢٠، كتاب الوضوء، باب، حديث رقم ٢١٨، وأخرجه مسلم ص ٧٢٧، كتاب الطهارة، باب ٣٤: الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، حديث رقم ٦٧٧ [١١١] ٢٩٢.