للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [فاطر: ٢٨] أي العلماء به، وبأسمائه، وصفاته، وبأحكامه؛ هذه هي هداية العلم؛ لأنهم إذا علموا خشوا الله سبحانه وتعالى، ولم يكرهوا شريعته، ولم يكبر ذلك عليهم، ولم يشق؛ كذلك هداية التوفيق ــ وهي المهمة: إذا وفق العبد للانقياد لله سبحانه وتعالى سهل عليه دينه، وصار أيسر عليه من كل شيء، كما قال تعالى: {فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى} [الليل: ٥ ــ ٧].

قوله تعالى: {هدى الله}: أضاف الفعل إلى نفسه؛ لأن كل شيء بقضاء الله، وقدره.

قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}؛ اللام في قوله تعالى: {ليضيع} يسمونها لام الجحود؛ و «الجحود» يعني النفي؛ وهذه اللام لها ضابط؛ وهو أن تقع بعد «كون» منفي؛ فاللام التي تأتي بعد «كون» منفي تسمى لام الجحود؛ هذا من جهة الإعراب؛ أما من جهة المعنى فكلما جاءت «ما كان الله ... » في القرآن فهي الأمر الممتنع غاية الامتناع؛ مثل: «لا ينبغي»، أو «ما ينبغي» فالمراد أنه ممتنع مستحيل، كقوله تعالى: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} [يس: ٤٠]، وقوله تعالى: {وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً} [مريم: ٩٢] أي ممتنع مستحيل؛ وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام» (١)، المعنى: أنه مستحيل.

قوله تعالى: {ليضيع إيمانكم}؛ «يضيع» بمعنى يتركه سدًى


(١) أخرجه مسلم ص ٧٠٩، كتاب الإيمان، باب ٧٩: في قوله عليه السلام: "إن الله لا ينام" ... ، حديث رقم ٤٤٥ [٢٩٣] ١٧٩.