اليأسُ أقْتل ما يكو لذى الهوى ... فعسى نُداوَى بالمنى ولعلَّنَا
بل ما عليه لو سَخَا بخياله ... فيزورَ في بعض الليالي مَوهِنَا
زُرْ يا خيالُ ودعْ مراقبةَ العِدى ... فلَك الأمانُ لقد تساويْنا ضَنَى
ولقد خفِيتُ عليك فاطلبْ مَضْجعي ... فوسادتي تَهْدِيك أنِّى هاهنَا
أوْلَا فمُرْني أن أزور كزَوْرتي ... والدارُ بالجَرْعاء جامعةٌ لنَا
قل للذي نزل الغَضَا مُتباعِداً ... عنِّي وكان له فؤادي مسكناَ
هذا الغَضا قلبي وسَفْحُ محَاجِري ... يجرى العقِيقُ وذي ضُلوعي مُنْحنَي
ولقد عنَيتُ رشاً تخِذْتُ تولُّعي ... فيه إلى صدقِ الوفاء تديُّنَا
بدرٌ إذا شبَّهتُ باهرَ حسنِه ... بالبدرِ كان الوجهُ منه أحسنَا
نَشْوان من خمرِ الشَّبِيبة والصِّبا ... لحَظاتُه شَرَكُ العقول إذا رَنَا
إن مرَّ بالأغصان خَرَّتْ رُكَّعاً ... لقَوامه أو بالقَنا فضَح القنَا
ما أبْدع الرحمنُ طلْعةَ وجهِه ... إلا ليُودِعها الجمالَ المُمْكِنَا
جسدٌ يسيلُ لطافةً كالماءِ من ... تَرَفٍ أرَقَّ من الحرير وألْيَنَا
ستَر الجمالُ خُدودَه بعوارض ... قتَل النفوسَ بها وأحيْىَ الأعيُنَا
والشمسُ يمنعها اجْتلاها أن تُرَى ... فإذا اكْتستْ غيماً رقيقاً أمْكنَا
نادمْتُه والراحُ يعطِف عِطْفَه ... كالغصنِ يعطِفه النسيمُ إذا انْثنَى
متألِّفَيْن على الصَّبابة والهوى ... مُتَسرْبِليْن ردا الأمانةِ والمنَى
حيث الزمانُ كما نحبُّ وخُلْقُه ... سهلٌ وليس كأهْلِه مُتلوِّنَا
حتى تغيَّر عن حقيقةِ حاله ... وبطبْعِه أعْدَتْه أولاد الزِّنَا
وعفتْ رسوم الودِّ وانْقَشع النَّدَى ... فالعيشُ قَفْرُ الرَّبْعِ مُغْبَرُّ الفِنَا
والدهرُ قد عمَّتْ مواقعُ خَطْبِه ... من لم يكن يجْنِى الذنوبَ ومَن جَنَى
كلٌّ على مِقْدارِه أخْطارُه ... فأحقُّهم بالمجدِ أكثرُهم عَنَا
ما ماسَ في بُرْدِ المعالي ناعماً ... إلا الذي لبِس العَجاجَ الأدْكَنَا
رُوحِي فِدَا نفَرٍ بصبْرهمُ على ... نُوَب النوائبِ أحْرزوا فضلَ الثَّنَا
بلغتْ بهم عَلْياؤُهم رتباً غدا ... منها السناءُ مُفرَّعاً وكذا السَّنَا
وإذا دعا داعٍ بياخَيْرَ الورى ... كلٌّ يقول مرادُ ذا الداعِي أنَا
وإذا العُلَى علِقتْ بغير حبالِهمْ ... رُمِيتْ وحاشاها بمشْنُوِّ الثنَا
لا تقدرُ الفصحاءُ تحصُر فضلَهم ... لو أن ذَرَّ النملِ كانت ألْسُنَا
طالُوا السِّماكَ فمن أراد لَحاقَهمُ ... أوْمَتْ مَساعِيه اليه قِفْ هُنَا
لم تنتج الزَّهْراءُ إلا أزْهراً ... وشرافة الحسنيْن إلاَّ مُحْسِنَا
يا سادتي يا آلَ أحمدَ مدحُكمْ ... فرضاً يَراه مَنُ تسَمَّى مؤمِنَا
أنا قد حُسِبتُ عليكمُ في نِسْبةٍ ... شَرُفتْ وتلك أجلُّ فخرٍ يُقْتَنَى
لا تمْنعوا عنِّي عِنايةَ فضْلِكمْ ... فأنا الفقيرُ وأنتمُ أهلُ الغِنَى
بيت العماد بيت فضل وكرم، دمشق بهم من عهد ذات العماد إِرَم.
بمثل رتبتهم يشمخ الغر النتقاعس، وبمثل طلاقتهم يتنبه الحظ المتناعس، وفي ذلك المجد فليتنافس المتنافس.
فضلهم على الكرام، فضل الحلال على الحرام.
ولهم من المزية على أهل الكمال، مزية الصبا على الجنوب واليمين على الشمال.
هم القومُ حازوا صِفاتِ العُلى ... بحسْن الطباعِ ولطفِ الشِّيَمْ