للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولاكلُّ مَن غاص بحرَ الهوى ... حوَى مِن جواهِره باغْتنامْ

ولاكلُّ مَن قد سما للعلومِ ... يقرِّر مُشكِلَها عن إمامْ

فذاك هو الن؟ َّدْبُ بدرُ العلومِ ... ولم يزل نورُه في التَّمامْ

كخِلِّى الكَرِيمىِّ مَن فضلُه ... تلفَّعه يافعاً باهْتمامْ

مُهذَّبُ أخلاقِ أهل الوفا ... حفيظٌ لعهدِ التقى والذِّمامْ

؟ السيد أبو الأمداد فضل الله بن محب الله

والدي الذي هو سبب حياتي الفانية، تتبعها حياتي الباقية.

فإني من صلبه خرجت، وعليه تخرجت.

ولا أعد من الفضل، ما كثر لدي أو قل، إلا منه ابتداؤه، وإليه انتهاؤه.

وكنت أطوع له من قلمه لكلمه، وأوفق من بنانه لبيانه.

ما ملت عن نهجه ولا تنحيت، من حين دبيت إلى حين التحيت.

أرجو على يديه حسن التحلي، والاطلاع على أسرار التجلي.

حتي أسعد في آخرتي ودنياي، وأفوز بالحسنى في مماتي ومحياي.

وكان هو حريصاً على فائدة يلقيها على، وعائدة يجر نفعها إلىّ.

حتى خصَّني بتعليم ما تفرد به من صنعة الإنشاء، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وأنا فيما ذكرته واصف نفسي، وأما وصفه فمما لا يقوم باستيفائه يرسى ولا نقسى.

إن قلت: فاضل، فقد ساواه في الفضل من سواه، أوقلت: ماجد، فقد شاركه في المجد من عداه، وهو تعداه.

وأنا لا أرضى له إلا التوحد، ولا أقبل له إلا التفرد.

فإنه من منذ وجد، إلى أن فقد.

لم يزل ربيب نعمة، غذى حشمة.

والجاه في زمن أبيه، يخشى من أنفته وتأبيه.

والأمداد فضل الله، لأبي الأمداد فضل الله.

وله عزمة تلين قسوة الدهر الأبي، ويتلى حديثها كما يتلى الحديث عن النبي.

إلى بشر يترقرق ماؤه في غرته، وينفتق نور الشرف بين أسرته.

وله كلماتٌ كحديث الصديق، أو عتيق الرحيق، يجمع لذة حلو الحديث إلى نشوة المر العتيق.

بخطٍ ينطق من غير لسان، ويفصح من غير بيان.

وشعرٌ إذا رأيته، رويته.

ونثرٌ تحفظه، حين تلحظه.

وله تآليف ضربت من الإجادة بسهم، وأقر لها أهل البلاغة من كل شهم.

هي لعقد الفضل واسطة النظام، ولمطلع المجد بيت القصيد وحسن الختام.

فمن شعره قوله، من قصيدة مطلعها:

حديثُ غرامي في هواك صحيحُ ... وقلبي كأقْوال الوُشاة جريحُ

وشوقي إلى لُقياك شوقُ حمامةٍ ... لها فوق أفْنان الغصون صُدوحُ

فتندُبُ أطْلالا لها ومعاهداً ... وتظهِر أشْجانا لها وتصيحُ

فلا مؤنسٌ في الدار لي غير صوتها ... إذا هاج وَجْدي والدموع تسيحُ

كلانا غريبٌ يشْتكى الهجرَ والنَّوَى ... فيبكي على إلفٍ له وينُوحُ

فقلبي وجَفْني ذا يذوبُ صَبابةً ... حَزِيناً وهذا بالدموع قَرِيحُ

ومُهجةِ صَبٍّ مُستَهامٍ مُتيَّمٍ ... بها صار من داء الغرامِ قُروحُ

أهِيمُ غراماً حين أذكُر جِلَّقاً ... ودمعي بسفْح القاسِيُونِ سَفوحُ

ولو كان طَرْفي في يدَىَّ عِنانُه ... سعيْتُ ولكن مُناى جَمُوحُ

وقوله من أخرى، مستهلها:

رعى اللهُ أيام الشَّبِيبة من عَصْرِ ... وهزَّ نسيمُ العيش رَيْحانةَ العمرِ

وحّيَّ بِقاعاً تُنبت الحسنَ تُرْبُها ... وتُبْدِي لنا الأقمارَ من فلَك الخِدْرِ

حَلْلتُ بها والدهرُ أبيضُ مُقِبلٌ ... وعَيْشِى مقيم في خمائله الخُضْرِ

تُحيط بَي الغِيدُ الحسانُ أوانِساً ... كما اشْتبكَتْ زُهْر النجوكم على البدرِ

هذا نقل منق قول ابن خفاجة في النسيب:

غَزاليَّةُ الألْحاظِ رِيميَّةُ الطُّلَى ... مُداميَّةُ الألْمَى حَبابَّيةُ الثغرِ

تَرنَّح في موشِيَّةٍ ذهبَّيةٍ ... كم اشتبكتْ زُهْرُ النجومِ على البدْرِ

وفي المقامة الحلوانية: وقد أحاطت به أخلاط الزمر، وإحاطة الهالة بالقمر، والأكمام بالثمر.

وله من أخرى مستهلها:

طيفٌ يُمِّثله الغرامُ بفكْرِه ... ورَجاً يَحارُ بطَيِّه وبنَشْرِهِ

منها في الغزل:

<<  <  ج: ص:  >  >>