للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد حاز الوليُّ بكل حالٍ ... من الرحمن فيضاً مُستطابَا

تراه بين أهل الأرضِ أضحى ... لِداعي الحبِّ أسرعَهم جوابَا

وغيرَ الله ليس له مُرادٌ ... وغيرَ حِماه لا يرجُو انْتسابَا

وقوله:

سقاني الحبُّ من خمر العَيانِ ... فتُهت بَسكْرتي بين الدِّنانِ

وقلتُ لِرُفْقتي رِفقاً بقلبي ... وخاطبتُ الحبيبَ بلا لسانِ

شربتُ لحبِّه خمراً سقاها ... لصَحْبي فانْتَشَى منها جَنانِي

شطَحْتُ بُشرْبها بين النُّدامىَ ... ورُشْدي ضاع مما قد دَهانِي

فأكْرمَني وتوَّجني بتاجٍ ... يقوم بسِرِّه قطبُ الزمانِ

وأمَّرني على الأقْطاب حتى ... سرَى أمري بهم في كلِّ شانِ

وأطْلعَني على سِرٍّ خَفِيٍّ ... وقال السَّترُ من سرِّ المعانِي

فهام أولو النُّهى من بعض سُكْري ... وغابْوا في الشُّهود عن المكانِ

مُرِيدي لا تخَفْ واشطَحْ بِسرِّي ... فقد أذِن الحبيبُ بما حَبانِي

وقوله:

نظرتُ إليك بعينِ الطلبْ ... ومنك إذاً طلبي والسبَبْ

رأيتُك في كل شيءٍ بدا ... وليس سِواك لعيني حَجَبْ

فأنت هو الظاهرُ المُرتجَى ... وأنت هو الباطنُ المُرتقَبْ

وأنت الوجودُ لأهل الشهودِ ... وأنت الذي كلَّ شيءٍ وَهَبْ

وعيني بعيْنَيْك قد أبصرتْ ... بعيْنك في كل تلك النِّسَبْ

ومن مقاطيعه قوله:

ولقد شكوتُك في الضمير إلى الهوى ... وعَتَبْتُ من حَنقٍ عليك تحنُّنَا

مَنَّيْت نفسي في هواك فلم أجدْ ... إلا المنيَّةَ عندما هجَم المُنَى

وقوله:

إذا امتدَّ كفٌّ للزمانِ بحاجةٍ ... فقُوَّتها من عادة الهِمَّة السُّفْلَى

ومن يَكُ يستغْنى عن الخلقِ جُملةً ... فيُغْنيهِ ربُّ الخلق من فضلِه الأعْلَى

وقوله:

إذا أسأْتَ فأحسِنْ ... واستغفرِ اللهَ تنجُو

وتُبْ على الفَوْر وارجعْ ... ورحمةَ الله فارجُو

[ولده السيد محمد حجازي]

هو في قلادة نسبهم واسطة، وصاحب أيادٍ بجميل النعم باسطة.

شهرته النزعة الحجازية، ولبس من حسن الحجى زيه.

وله أملٌ يقوم به مع الأيام ويقعد، ويدنو به طوراً وآونةً يبعد.

حتى رسخ رسوخ ثهلان، وكلف بالمعالي كما كلف بميَّة غيَّلان.

فجمع الله به شمل المكارم في قطره، وأحيى به الأرض الموات إذا ضن سحابها بقطره.

إلا أن فيه عجلةً تلزمه الحجة، وشراسةً تضييق عليه المحجة.

فإذا تكرد لا يرجى له صفو، وإن سخط لا ينتظر له عفو.

وأما القراءة فله منها ما تحصل، ولكن له شعر تدرج به إلى الوصف بالأدب وتوصل.

وقد أثبت له ما يروقك رواؤه، ويغينك عن ماء الغدران إرواؤه.

فمنه قوله، من قصيدة يمدح بها البهاء، لما كان قاضيا بحلب، أولها:

ألا منجِدٌ في أرض نجْد من الوجدِ ... فما عند أهْلِيها سوى لوعةٍ تُجْدِى

وقفتُ بها مستأنساً بظِبائها ... كما يأنَسُ الصبُّ المتيَّمُ بالوجدِ

أُسائلُ عمَّن حلَّ بالجِزْع والحمَى ... وأنشُد عمنَّ جاز بالأجْرَعِ الفَرْدِ

خليليَّ إن الصدرَ ضاق عن الجوَى ... فلا تعْجبا من طَفْرة النارِ بالزَّنْدِ

ففي الجسم من سُعْدَي جروحٌ من الأسَى ... وفي القلبِ من أجْفانها كلُّ ما يُعْدِى

بثَغْرٍ يزيدُ الوَقْدَ من خمرِة الَّلمَى ... وصُدْغٍ يُثير الوجدَ من جَمْرة الخدِّ

تُقرِّب لي بالَّلحْظ ما عَزَّ دَرْكُه ... وتنْفِر عمداً كي تُصاد على عَمْدِ

تَلاعَب في عقل الفُحول بطَرْفها ... مُلاعبةَ الأطْفالِ من غِرَّة المَهْد

رمتْ مهجتي أهدابُها عن تعمُّدٍ ... نِبالاً فزادتْ من توقُّدِها وَقْدِى

<<  <  ج: ص:  >  >>