تذكرك عهوده الماضية، أيام كان بخدمتك في العيشة الراضية.
وأنت تغنيه بنضارة لفظك عن الورود المتنوعة، وبفنون حفظك عن الطرف المتجمعة.
فأي عيشٍ له بعدها يطيب، ولا روضٍ صباه مخصب ولا غصنه رطيب.
فإن رأيت ولك الرأي أن تتلافى في بعض رمق، فلتهدلي الحياة من أشعارك الغضة في طبق.
لأستبدل بها من صدأ لهم صقالا، وأفرج بها عن فكرتي ارتباطا واعتقالا.
فتعود كهولتي صبا، وتهب ريحي صبا.
فعندها أقول للأمل: دع الأيام تكن غضابا، إذا ما اجتنيت من هذه المشافهة رضابا.
فمهما مننت، تطولت وأحسنت.
فالوقت إساءةٌ أنت إحسانه، وناظر ليس إلا أنت إنسانه.
فالله يبقيك ما انهشت بك أساريره، وقامت بك عن ذنوبه معاذيره.
فراجعني بقوله: سيدي الأمين، ومؤيدي في كل حين.
حرس الله تعالى من الغير حصن جهاتك، ومن الكدر صفو أوقاتك.
وتولى حفظ ملكي ذاتك، وصون مضافاتك من كل فاتك.
وشرح منك وبك الصدور، وأنعم منك وبك البال وحباك السرور.
لا زلت تحيى بروح تلافيك التياحي، وتحبي بريح تلافيك ارتياحي.
فلقد وايم الله أوليت من صنيعك منه بما أمليت، فكأنما بلساني نطقت وعما أعربه جناني أعربت.
فصديقك في الحال قد واساك، ورفيقك في المجال قد ساواك.
غير أنه وجم عن بث أحزانه، من تقلب وقته وانقلاب عيانه.
يقول إيهِ وقد وجَمْتُ ومَن ... يَنْطق أو من يُطِيق مُحْتِملاَ
كيف وقد تقلص من الوقت ذيل أنسه، وصار من المقت يحسد يومه لأمسه.
واعتاض مستامٌ جميل عوائده، بصفقة الخسران من فوائده.
فهاك الود زاد فيه برهة وجلا، وعاد سرعةً نادماً خجلاً.
فحق له ما به قد وصفته، بل وإن لم يعد لمثلها لكنت أنصفته.
هذو وهو زائر مجتاز، فما حال من هو لمواقع دهره الظلوم مجاز.
تعرض مجتازا فكان مذكرا ... بعهد اللوى والشيء بالشيء يذكر
فياله من مذكر مصيب، قد حبانا من مآثره بأوفى نصيب.
حيث ذكر الفطنة السليمة، بسوابق عوائدها الكريمة.
فجاءت جريا على العادة، بما استوجب منى الشكر وزيادة.
فعند ذلك تنفست نفس المصدور، وهنالك نشطت كما نشط المخمور.
وامتثلت الطلب، حيث كان عين الأدب.
واستدعيت القريحة الخامدة، واستنطقت الفكرة الجامدة.
فأبدت هذا القول، حيث علمت بأن العذر عندكم مقبول:
أرْغدُ العيش ما وفَاك زمانُهْ ... وتواخَاك يا أُخَيَّ أمانُهْ
وصفا مَشْرب التأنُس واستدْ ... عتْك للقصف والهنا إخْوانُهْ
وتدانتْ به الأماني وأزْرت ... بالثُّريَّا في نَسْقِها نُدمانُهْ
وتداعَى من المحبِّ حنينٌ ... وتدانَى من الحبيب جَنَانُهْ
فغَدْوا والمُنى لهم أمَمٌ يحْ ... سنُ كلٌّ شكراً لمنْ ذا امْتنانُهْ
هكذا العمرُ يُستفاد وحقّاً ... يُستجاد احْتسابُه وبيانُهْ
با حبا الّله بالأحبَّة مَغْنىً ... فَيَّأَتْ غصنَ روضِه أفْنانُهْ
هو للقصْف منزلٌ مستطابٌ ... طال ما ضمَّ شمْلَنا فَيْنانُهْ
جاور السفح فاكْتسى عاطرَ النَّ ... فح فأضْحى ذاكِيَ الشَّذى رَيْحانُهْ
فرَعَى اللهُ سالفَ العهد منه ... حيث لي بالسعودِ كان اقْترانُهْ
وأمانينا تبادرنا مُسْتبقا ... تٍ والعيشُ طَلْقٌ عِنانُهْ
وأماليك تُستفاد وآدا ... بُك روضٌ يشُوقنا عُنْوانُهْ
حيث كانتْ تَنْدَى أراكةُ حظِّي ... من نَدى لفظِك الشهىِّ وِزانُهْ
فسقى الّلهُ بالحيا ذلك السَّ ... فحَ وحيىَّ عهودَه رِضْوانُهْ
وحبانا منها بأحمدِ عَوْدٍ ... وأرني بك المُنى إحْسانُهْ
[السيد إبراهيم]
صغيرهم الذي هو فذلكة حسابهم، والجامع الكبير لما تشعب من بحر أنسابهم.
وله الاطلاع الذي يخفى عنده صيت ابن السمعاني ويعدم ابن العديم، والرواية التي يشفع حديثها قديم الفضل فالحديث يشهد بفضله القديم.
وقد طلع من هذا الفلك بدراً تستمد منه البدور، وحل من المجد صدراً تنشرح برؤيته الصدور.