وصَفْوتِيَ المُصفَّى والمُوفِّى ... حقوقَ مودَّتي في كلِّ نادِ
منها:
وهل يصْفُو الزمانُ وقد بَراه ... إلهي غادراً من قبلِ عادِ
إذا ما فَارقتْ منه سهامٌ ... فلا تُخْطِي قواتلُها فؤادِي
فَبي من صَرْفه ما لو تراءَى ... لأوْدَى بالبَرايا والبوادِي
ألا قُل لي فَدَيِتُك هل أرى لي ... مُعِيناً في البلوغ إلى المُرادِ
رحِيبَ الصدرِ ذا صدقٍ ودينٍ ... لأجعلَه ادِّخارِي واعْتمادِي
وقوله من قصيدة:
جاءت اليك وقد أرتك قصورها ... عذراء شادت بالثناء قصورها
حسناءُ صاغ لها المَديحُ قلائداً ... حلَّت بها بين الحسانِ نحُورَها
باهتْ بفخْرك كلَّ مُمتدَحٍ وما ... تاهتْ وصَانتْ عن سواك نظيرَها
واستَمْطَتِ الجوزاءَ قدْراً حيث إن ... كنتَ المآلَ لها وكنتَ سميرَها
يا ايها الصرر الذي اقتعد العلى ... بمكارم اضحن الكمال سميرها
منها:
ورجعتَ منصوراً وعُدتَ بنعمةٍ ... قد نلْتَ من رب الورى مَوْفورَها
وحَظِيتَ بالأجرِ الجزيل وهذه ... نِعَم فكُن بالمَكْرُمات شَكُورَها
ويعجبني قوله في التخلص من قصيدة قالها في الأمير محمد بن سيفا:
ولقد شكوتُ له الهوى ليرِقَّ لي ... فنأَى عن المُضْنَى بقلبٍ جَلْمَدِ
وأبَى سوى رِقِّي فقلتُ له اتَّئِدْ ... إني رفيقٌ للأمير محمدِ
وله في الفتح بن النحاس، وكان يهواه:
مُهْلِكَ العشاق مَهْلاً ... فيك لي منك انْتقامُ
بشُعَيْرَاتٍ كمِسْكٍ ... هي للحسن خِتامُ
وله فيه، من أبيات:
بيني وبينك مدةٌ فإذا انقضَتْ ... كنتَ الجديرَ بأن تُعزَّى في الوَرى
منها:
رِفْقاً بقلبٍ أنت فيه ساكنٌ ... إن الحياةَ إذا قَضى لا تُشْتَرى
فارْدُدْ على طَرفي السُّهادَ لعله ... يلْقَى خيالاً منك في سِنةِ الكَرَى
واسْألْ عيوناً لا تمَلُّ من البكا ... عن حالتِي يُنبِيك دمعي ما جرَى
وله فيه، وقد عشق مليحاً اسمه موسى، فتجنى عليه:
كلُّ فِرْعونَ له موسى وذا ... في الهوى مُوساكَ يُولِيك النَّكَدْ
فكما أكْمدتَ من يَهْواك بالصَّ ... دِّ مُتْ صَدَّاً وذَقْ طعمَ الكمَدْ
[أحمد بن محمد المعروف بابن المنلا]
شارح مغنى اللبيب عالم الشهباء ومصنفها، ومقرط العلياء ومشنفها.
بتآليف وشح بيراعة براعتها صدور المهارق، وأتى فيها من معجزات البلاغة بالخوارق.
حاز بها في تلك الحلبة غاية الظهور، وفاز بقصب السبق فيما بين ذلك الجمهور.
وله عقود كلام لو تجسم لفظها لما رصعت إلا على التيجان، وتنزهت عن أن ترى أفرادها مواضع اللؤلؤ والمرجان.
تشتمل من رود القوافي، وخود الغزليات الصوافي.
على غرر كقطع الرياض غب القطر، وفقر أحسن من الغنى بعد الفقر.
فما يتبين في معاني بلاغته انحلال معاقد، ولا تلين قناة براعته لغمز ناقد.
فمن كلامه الدائر بين الرواة، المرتصف دراً أصدافه الأفواه.
هذه اقطعة من موشح أطلعها منيرة، وبعث بها الأشجان لنار الوجد المثيرة.
وقد عارض به موشح ابن سهل الذي يقول في مطلعه:
هل درَى ظبيُ الحِمَى أن قد حَمى ... قلبَ صَبٍّ حلَّه عن مَكْنَسِ
وهو من الموشح الموزون، الذي يتسلى به قلب المحزون:
رُبَّ رِيمٍ رام قلبي فرمَى ... فيه سهماً جاء عن غير قِسِي
من رى ظَبْياً أرانا أسْهُما ... من لحاظٍ كعيونِ النَّرجِسِ
يا نديمِي قُم صَفا وقتُ الهنا ... فامْلَ لي الكأسَ وعجِّل بالطِّلَا
وأدِرْها خمرةً تُولِي المُنَى ... فزَمان الأُنْسِ بالبشرِ حُلاَ
والحَيَا قد ألْبَس الروضَ الثَّنَا ... وعلى الدَّوْحِ من الزَّهْرِ حُلاَ