للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد كنتَ لي حسَبَ اقْتراحِي ومُنْيَتي ... مُفْدّىً إذا اشكو وأنتَ الذي أفْدِي

مُجيباً بمطْلوبٍ مُلَبٍّ بدعوةٍ ... مُراع بمَرغوبٍ سريعا إلى رِفْدِي

فماذا عسى أنْكرتَ منِّي وما الذي ... أباحَك تعْذِيبي وقتْلي على عَمْدِ

أراك وقد خلَّفْتني ذا لَواعِجٍ ... من البَيْن ذا قلبٍ أشَدَّ من الصَّلْد

لمن صِرْتَ لا زَلَّت بك النَّعْلُ غادِياً ... حلِيفاً وذا أهلٍ وقد كنتَ لي وَحْدِي

فيا ناسياً للوُدِّ إنِّي ذاكرٌ ... ويا ناقضَ المِيثاق إنِّي على العهدِ

أبى اللهُ أن أرعَى ذِمامَك جاهداً ... وتُبْخسَني حقِّي وتُكثِر في جَهْدِي

فلا كان لي قلبٌ لغيرك جَانِحٌ ... ولا صحِبَتْني مُقلةٌ فيك لا تُنْدِي

فقدْتُك إبراهيمٌ فُقْدانَ آدمٍ ... على دَعَةٍ من أمرِه جنةَ الخلدِ

أُعلِّل قلْباً لا يحيل تعِلَّةً ... به عنك ذَا تَوْقٍ جزيلٍ وذا وَقْدِ

وأُنْشِد بيتاً سالفاً حسبَ لوعتي ... إذا هاج تَهْيامِي وقد فاتني قصْدِي

لعلَّ الذي أبْلَى بهجْرك يا فتى ... يردُّك لي يوماً على أحْسَنِ العهدِ

أقلِّبُ طَرْفي لا أراك فينْثَني ... بوابِلِ دمعٍ كالجُمان على خَدِّي

ودَدْتُك تدرِي ما الذي بِي من الجوَى ... عسى كنتَ تَرْثِي لي من الهمِّ والوجدِ

أما تذكُرَنْ ما دار بالوصلِ بيْننا ... أبارِيقَ لَذَّاتٍ ألذَّ من الشُّهْدِ

لأيَّةِ حالٍ قد تناسيْتَ خُلَّتِي ... وكيف اسْتجزْتَ الهجرَ والنَّكْثَ للعهدِ

سلامِي على اللَّذاتِ بعدك والهوَى ... وحلوِ التَّصابي والتَّشُّوقِ للمُرْدِ

فيا ليتَ شعرِي مَن تبدَّلْتَ بي ومَن ... غدا حاسدِي في القرب بالبَيْن تسْتعْدِي

فما أمُّ خِشْفٍ راعَها حبلُ صائدٍ ... فأذْهَلها عنه وغابتْ عن الرُّشدِ

تَحِنُّ فتسْتهْدِي الأسودِ لِغابِها ... فلا أثراً تلْقَى ولا هادِياً يهْدِي

بأفْجعَ منِّي حين فارقتُه ضُحىً ... حليفَ أُوارٍ لا أُعِيدُ ولا أُبْدِي

لئن كنتَ أخلفتَ العهودَ وخُنْتَ بالْ ... مَواثيقِ عن جهلٍ ومِلْتَ عن الرشدِ

فحبُّك في قلبي وذكرُك في فمِي ... وأنت بعيْني ما حَيِيتَ إلى اللَّحْدِ

قوله " أبطأ من فند " مثل.

وفند هذا مولى عائشة ابنة سعد بن أبي وقاص، وكان أحد المغنين المحسنين، وكان يجمع بين الرجال والنساء.

وله يقول ابن قيس الرقيات:

قل لفِنْدٍ يشَيِّع الأظْعانَا ... طال ما سَرَّ عيشَنا وكَفانَا

وكانت عائشة أرسلته يأتيها بنار، فوجد قوماً يخرجون إلى مصر، فخرج معهم، فأقام بها سنة، ثم قدم فأخذ ناراً، وجاء يعدو، فعثر وتبدد الجمر، فقال: تعست العجلة.

وفيه يقول الشاعر:

ما رأيْنا لِغُرابٍ مثَلا ... إذ بعثْناه يجِي بالمِشْمَلَهْ

غيرَ فِنْدٍ أرْسلوه قابساً ... فثَوَى حولاً وسبَّ العجَلَهْ

المشملة: كساء يجمع المقدحة وآلاتها.

وقالبعضهم المشملة، بفتح الميم، وهي مهب الشمال، يعني الجانب الذي بعث نوح عليه السلام إليه الغراب؛ ليأتيه بخبر الأرض أجفَّت أم لا، فاشتغل بجيفة رآها في طريقه، وفيه يقال: " أبطأ من غراب نوح ".

[صالح بن قمر]

هلال نجابته يعد بأقمار، وفيه وفي نباهته أحاديث وأسمار.

كتب وقيّد بخطه الكثير، ونظم ونثر فجاء بالدر النظيم واللؤلؤ النثير.

وقد أوردت له ما تستبدعه، وتحفظه في خزانة النفس وتستودعه.

فمنه قوله:

يا مقلةَ الحِبِّ مهلاً ... فقد أخذتِ بِثارِكْ

وأنتِ يا وجنتيْه ... لا تحْرقيني بنارِكْ

فقد كفاني لهيبٌ ... أصابني من شَرارِكْ

<<  <  ج: ص:  >  >>