وصارتْ عيون المشْفقين قلائداً ... عليه وعينُ الحِقْد تنظُر عن شَذْرِ
وقلتُ ستْنَدى بالثِّمارِ أنامِلي ... فما كان إلَّا أن قبضْتُ على جَمْرٍ
وعدتُ كما عاد المُسيءُ مُذمَّماً ... أغَصُّ بشكْرى وهْو يُحسَب من وِزْرِى
وما ساءَ حظّاً كالذي اجْتلب الهوى ... وأسْلَمه مَحْضُ الوِدادِ إلى الهجْرِ
إني لأعجب مني ومن تواضع الشيخ في مناجاته إياي وهو الطود الأشم، واتخاذه أذني صدفا لدرر عباراته وهو البحر الخضم.
واقتراحه علىَّ أن أبرز من خباء أبكار الشعر، ربيبة خدر، ونتيجة فكر.
تكون معجزة ابن الحسين، ومفحمة الخالديين.
تنطوي على مدح ما انتشر عن ألوية فضائل ذاته المعجز ألسن الواصفين وصفها، وتتضمن نشر ما نسم من طيب أذيال فواضل صفاته المعطر مشامَّ الناشقين عرفها.
وقيامي له على قدم الحد، أفرى فلوات السعي وأمتطي صهوات الجد.
أقتنص الشوارد، وأتناول الفراقد.
وأغوص على الغرر، من بنات الفكر.
إلا أن تكامل عقدها، وجاءت نسيج وحدها.
من مستفزات القلوب، تهادى أناة الخطو بكر عروب.
تجر على مهيار الديلمي ذيل دلالها، وتسكر الشريف الموسوي بجريالها.
لو رآها المخضرمون، لجاءوا إليها من كل حدب ينسلون.
وبعثت بها مع لطم الشكر، إلى جناب إمام العصر.
كيف حال الجريض دون القريض، وغاض زلال راحته وهو الغضيض، ولم سدَّ عني باب اعتنائه، ومحا ما كتب من إملائه.
حتى استهدفتني ألسنة الشامتين، وأحدقت إلى أعين العدى، وليس عندي منه ما يغض أجفانهم ولا قذى.
فياليت شعرى ما الذي أوجب هذا الصد، ولم لم يحسن القبول فليحسن الرد.
وليكن بدون قوله ما أصنع بالقصائد دونه وشعره، حتى اسود وجه آمالي ولم يبيض حجره.
بعدما خطفتني منه مخالب الظنون، ورجعت أقلب أكفي بصفقة المغبون.
أحاسب عن أوزار العباد، وأعاقب بجناية قوم عاد.
وعهدي بالشيخ جبلا آوى إليه، وحمى أحوم حوله، وعماداً أعتمد بعد الله عليه.
فما بال الجبل لم يأو، والحمى لم يحم والعماد لم يحو.
وما باله في مسراته وأنا في ليل الهموم، أتوقع تنفس صبحها، وأبتهل إلى الله تعالى في طلوع شمسها.
فعندما حلت أكف الابتهال عرى الدحى، ولاح من تنفس صبح الوصال أشعة شمس المنى.
حال بين طرفي وسناه قذاة البين، وأصبحت مصابا بعين.
أعوذ بالله من أن يلهى الشيخ عني زخرف المتمشدق، وتستميله أقاويل الدخيل وجنة المتملق.
والزخرف عتبة التلاشي، والتمشدق باب الهول.
فالأقاويل مطية الكذب، والدخيل قذال يد الرد، والتملق مزراب النفاق.
ولي في محبته الجنان الثابت، والقلب الصابر، وللسان الرطب، والفم الشاكر.
وله مني الوداد المحض، والقصائد الغر.
وله منه أنة المتوجع، ولوعة المصاب، وحرقة المهجور، وخشية المرتاب.
وما أراه من اقتفائه أثر الملتبس عليهم الأمر، في كسر زجاجة ودادي من زيد وعمرو.
ولا غرو قد يدمى الجبين إكليله، وتهجر الحسام قيونه.
وكثيراً ما يضل المدلج دليله، وتخطىء المؤمل ظنونه.
[السيد أحمد بن محمد المعروف بابن النقيب]
السيد المولى، من هو بكل ثناء أحق وأولى.
حل من الشرف في ذروته، وتحكم من الأدب في بحبوحته وعقوته.
وقد تمتعت الرياسة دهرا بعده النضر، وشرفت النقابة له عبقريها الحسان ورفرفها الخضر.
فألقت إليه السيادة أفلاذها، واتخذت السعادة طاعته عصمتها وملاذها.
فرفه لأهل الأدب هضابا، وأرشفهم إلى ظماء من ماء مكارمه رضابا.
فالفضائل ملء حقيبته، والآمال تستنتج بيمن نقيبته.
ومآثره بادية الأوضاح، ونعمه سائلة الغرر والأوضاح.
ومجلسه بأصناف المعارف حافل، وفمه بحل ما يعي الأفهام كافل.
وله القلم الذي يكاد من نداوة بنانه، يبيض وجه الطرس بتسويد النقوش من بجدائع بيانه.
فهناك جنان البلاغة لم يطمث أبكارها إنسٌ قبله ولا جان، وأشجار البراعة لم يقطف ثمارها عين ناظر ولا يد جان.
من كل لفظٍ مع معناه روح وجسد، إذا سمع الناس تركيبه خلقن له القلوب الحسد.
وقد ذكرت من كلامه الشريف، ولفظه العالي المنيف.
ما تجعله سيد الكلام، وتقطع عن المغالي في مدحه مادة الملام.
كقوله: