للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل جُرْ واهجُر ولا تخَفْ مَظْلمِتي ... ما أورَدني البلاءَ إلا حَظِّي

وقوله مضمنا:

لا يدَّعِى قَمرٌ لوجهِك نِسْبةً ... فأخاف أن يسْوَدَّ وجهُ المُدَّعِى

فالشمسُ لو علمتْ بأنك دونها ... هبَطتْ إليك من المَحَلِّ الأرْفَعِ

قلت: هذا تضمين يليق أن يكتب بالتبر، فضلا عن الحبر.

ومن رباعياته قوله:

مولايَ بِقيتَ قد بَراني الأسفُ ... من ينُصِفني منك وهل أنْتصِفُ

مَن أسْعده الحظُّ فإني دَنِفٌ ... أشْقاه ولا شقِيتَ حَظٌّ دَنِفُ

وقوله:

مَن أرَّقني قد اسْتلَذَّ الأرَقا ... ويْلاي ومَن أعشقُه قد عشِقَا

من ينُقذني منه ومنَ يُنْقذُه ... أفْنى حُرَقاً فيه ويفْنى حُرَقَا

وقوله:

يار بِّ لا أقصِد بالشِّعر سواكْ ... والقصدُ يَردُّني إلى باب غِناكْ

يا مَن جعلتُ تُرابَه ناصِيتي ... قد صّوَّح نَبْتُها أغِثْني بنَداكْ

وقوله:

القلبُ لديْك وهْو عندي الغالِي ... لا تتركْه مَطِيَّةَ الإذلالِ

تَا للهِ لقد عجبتُ من أحْواالي ... يفنَى زمنِي بضيْعة الآمالِ

وقوله:

أصبحتُ ولَثْمُ أَخْمَصيْهِ أمليِ ... مع أنَّ له فماً شفاءَ العِلَلِ

لكنْ قدمٌ سعتْ به من تَلَفِي ... أعددْتُ لها جَوائزاً من قُبَلِي

وقوله:

أحسنُ ما يُهْدِيه أمْثالُنا ... من طَيْبةٍ من عند خيرِ الأنامْ

بعضُ تُمَيْراتٍ إذا أمْكنتْ ... إهداؤُها ثم الدُّعا والسلامْ

ومن محاسنه قوله، ومن قصيدة أولها:

طرقَتْ طَروق الطيفِ وَهْنَا ... مَيّالَةُ الأعْطاف حَسْنَا

مصْقولُة الخَدِّين مثل السيْ ... ف ألْحاظاً ومَتْنَا

أرْختْ وشاحاً فوق دِعْ ... صٍ فوق غصنٍ قد تَثنَّى

ومشتْ فشيَّعها عَبِي ... رُ الروضِ منْ هَنَّا وهَنّا

في حُلَّةٍ من جِنْس ما ... يكسُو الربيعُ الغصنَ دَكْنَا

الدَّلُّ ينبُتُ من مسا ... حِبِ ذيْلها والحسنُ يُجْنَى

تَمْشي فُرادَى ثم تمْ ... شِي خلْفَها الأرْدافُ مَثْنَى

حَوْراء إن سمَحتْ بكشِْف قِناعها ملَأتْك حُسْنَا

وإذا اشْتهتْ رجعت عليْ ... كَ فعاد ذاك الحسنُ حُزْنَا

لو خاطبتْ وَثَناً لَحَنَّ ... مع الجمودِ لها وأنَّا

طارحْتُها شكوَى النَّوى ... ولثمتُها أعْلى وأدْنَى

وعجبْت من وَلَهِي بها ... ولِهْتُ بها وَلهَ المُعنَّى

تركتْ يداً وفماً وجِي ... داً وابْتدتْ ذيلاً ورُدْنَا

وأقمت أنْصِب نحوها ... طَرْفاً ونحوْ البابِ أُذْنَا

أخْشَى يُحِسَّ بنا النَّسي ... مُ فيُخبر الروضَ الأغَنَّا

وبُولِّد الوَسْواس لي ... جَرْسُ الحُلِىِّ إذا أرَنَّا

فتقول مسكينُ المتَّي ... بالنسيمِ يسِىءُ ظَنَّا

طبْ يا فتى نفساً فقد ... نامَتْ عيونُ الحىِّ عنَّا

جرس الحلى: صوته، ويقال فيه وسواس قال الشاعر:

كم بين وَسْواسِ الحُلِىّ ... وبين وَسْواس الهمومِ

والوسوسة: مالا يفهم من الأصوات.

وهذا أسلوب متداول، ومنزعه خفق الحلى ورهجه، وذلك يخرج على قوالب من جنة الحلى ونمها وغير ذلك.

وقد يغير في الأطراف الفعمة، فيقال: إنها تغص الحلى، وتخرس وساوسها، وتحير الحلى.

وأحسن ما سمع فيه قول أبي كامل تميم بن المفرج:

وأطْرافاً يَحارُ الحَلْىُ فيها ... فليس يكاد يضطرِبُ اضْطرابَا

قال صاحب الدمية: قوله يحار الحلى فيها، لم أسمع به إلا في شعره، وقد أتى ببدع المستعار وبكره.

وقد أنهيت الكلام على شعره، وهنا أذكر جانبا من نثره.

فمنه قوله يعاتب:

غرستُ لكم في المدح ما اخْضَرَّ عودُه ... وألقتْ إليه الزُّهْرُ عِقْداً من الزَهْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>