للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكتْ بالأنْجُم الأرضَ السما ... إذ غدَت بالزُّهْرِ منها تكْتَسِى

وحَبا الأغصانَ طَرْزاً مُعْلَما ... حين ماماسَ بأبْهَى مَلبَسِ

دور

ما ترى يا صاحِ أغصانَ الرُّبى ... مائِلات القَدِّ من خمر السحابْ

رنَّحتْها سُحْرةً أيْدِي الصَّبا ... فصَبا القلبُ إليها باكْتئابْ

ومن الزَّهْر لها أغْلى قِبَا ... ومن الدَّوْح لها عالِي القِبابْ

نَقَّطتْها السُّحبُ دُرّاً مثلما ... كستِ الروضَ بثوْبٍ سُنْدُسِي

وشذا عَرْف نسيمٍ هَيْنَما ... وكذا يفعُل ذاكي النَّفَسِ

دور

ما لِلاحٍ مُذْ لحَى طاب الهوى ... في حبيبٍ وجهُه يحْكِي القمَرْ

لَذَّ لِي في حبِّه مُرُّ النوى ... وارْتكابُ الهَوْلِ يوماً إن خطَرْ

ما على مَن نجمُه فيه هوَى ... حبن ما صَدَّ دَلالا ونفَرْ

أحوريُّ اللحْظِ معسولُ اللَّمَى ... فاحِمُ الشعرِ شهيُّ اللَّعَسِ

ثَغْرُه ابدى لنا برقَ الحمى ... وأثِيثُ الشعرِ ثوبَ الغَلَسِ

دور

يالَه بدراً حَمى عنِّي الكرَى ... قدُّه والطَّرْفُ عَضْبٌ وأسَلْ

في دُجَى شعرٍ له بدرٌ سرَى ... وبشمسِ الوجه ليلٌ قد نَزَلْ

خَنِثٌ في جَفْنِه أُسْدُ الشَّرَى ... وعلى أعْطافِه لِينٌ ودَلّ

ساحرُ المُقْلةِ معشوقُ الدُّمَى ... قمرُ الأُفْق وظَبْيُ المَكْنَسِ

ذُو لِحاظٍ كم أراقتْ من دِماً ... وهي تُفْدَى بالجَوارِي الكُنَّسِ

ومن بدائعه قوله:

نازَع الخدَّ عِذارٌ دائرٌ ... فوق خالٍ مِسْكُه ثَمَّ عبِقْ

قائلاً للْخال هذا خادمِي ... ودليل أنه لَوْنِي سرَقْ

فانْتَضى الطرفُ له سيفَ القضا ... ثم نادَى كما الذي أبْدَى القلقِ

أيها النُّعمانُ في مذهبِكم ... حجةُ الخارجِ بالمِلك أحَقْ

وقوله:

وأسمرٍ من بني الأتْراكِ ذي غَنَجٍ ... يهُزُّ قدّاً كغُصن الْبان في هَيَفِ

كأنه حين يعْلُو سُورَ قلعتِه ... وينْثنى شَرفاً منه على الشَّرَفِ

غصنُ الصِّبا مزهِراًقد رنَّحتْه صَبا ... عليه بدرٌ بدا من دَارَةِ الشَّرَف

ومن تضامينه العجيبة، قوله في شخص عابه بانحسار شعر رأسه:

يَعِيبني أن شعرَ الرأسِ مُنْحسِرٌ ... منه فتىً قد عَرَى من حُلَّة الأدبِ

وليس ذلك إلا من ضِراِم هوىً ... سرَى إلى الرأس منه ساطِعُ اللهبِ

أقْصِر فدَيْتُك ذا داءٌ بمَبْعَرِه ... والعيبُ في الرأسِ دون العيبِ في الذَّنَبِ

وله في شريف يعرف بالمشهدي يدعي الشعر:

المَشْهَدِيُّ لِسانُه ... قد فّلَّ كلَّ مُهَنَّدِ

إن رام إنْشادَ القَرِي ... ضِ فقُل له يا سيدِي

يشير إلى قول القائل في ابن الشجري العلوي:

يا سيِّدي والذي يُعِيذك من ... نظْم القريضِ يصْدَا به الفكرُ

ما فيك من جَدِّك النبيِّ سوى ... أنك لا ينْبغي لك الشعرُ

وفي كتاب الكناية والتعريض للثعالبي: يقولون في فلان فضيلتان من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: إحداهما أنه أمي، والثانية أنه لا يقول الشعر، وهاتان الخصلتان من فضائل رسول الله صلى الله عليه وسلم وليستا من غيره بفضيلة.

وإذا كان الرجل متشاعراً غير شاعر، قالوا: فلانٌ نبيٌ في الشعر. يعهني أنه لا ينبغي له ذلك، وعلى هذا بنى مخلد الموصلي قوله:

يا نَِبَّي الله في الش ... عرِ وعيسى بنَ مريَمْ

أنتَ من أشْعرِ خلْ ... قِ الله مالمْ تتكلَّمْ

وله:

قالوا حبيبُك أمسى لا تكلِّمه ... ولا تميلُ لرُؤْيا وجهِه النَّضِرِ

فقلتُ أمرٌ دعاني نحو جَفْوتِه ... والحبُّ للقلبِ لا للِّفظِ والنَّظَرِ

وله:

<<  <  ج: ص:  >  >>