للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودعِ العمرَ ينْقضي بالتَّصابِي ... وكذاك الوُشاةَ دعْهُم يلومُوا

قوله: هو بدر، إلى آخر البيت، قد أحسن فيه، لكن تشبيه الكأس بالهلال محل نظر، والمتعارف تشبيهه بالبدر، كما في قول ابن الفارض:

لها البدرُ كأسٌ وهي شمسٌ يُديرُها ... هلاللٌ وكم يبدو إذا مُزِجتْ نَجْمُ

إلا أن يكون قصد الزورق، فإنه شبه به الهلال، كما في قول ابن المعتز:

وانْظُرْ إليه كزورقٍ من فضةٍ ... قد أثْقلتْه حمولةٌ من عَنْبَرِ

فعكس التشبيه.

ويمكن أن يقال: إنه شبهه بالهلال، بالنظر إلى هيئته، إذا أمسكه الساقي، كما يفعل الأعاجم في مناولة إناء المشروب؛ وذلك أنهم يقبضون بالإبهام والمسبحة على الإناء من فوق، فينستر نصف الكأس بالأصبعين، ويبقى النصف ظاهراً كهيئة الهلال. انتهى.

وله:

ذَممْتُ النَّوَى من قبلُ منِّي جهالةً ... ولم أدْرِ أن البَيْنَ أصلُ شفائِي

فحِبِّيَ لمَّا حازه البعد حازَني ... سَقامٌ فأخْفانِي عن الرُّقباءِ

وصرتُ إذا شاء الزيارةَ زُرْتُه ... ولم ترَني عينٌ لفَرْطِ خَفائِي

أخذه من قول كشاجم:

ومازال يَبْرِي أعْظُمَ الجسم حبُّها ... وينْقُصها حتى لَطُفْنَ عن النَّقْصِ

فقد ذُبْتُ حتى صرتُ إن أنا زرتُها ... أمِنْتُ عليها أن يَرى أهلُها شخصِي

وله:

أطار الهوى مِن جمر خدَّيْه جَذْوةً ... فأصْلَى بها قلبي الذي ضم أضْلُعِي

وصعَّده مِنْ بعد ماقو قد أذاقَهُ ... وقطَّرِهُ من مقلتي دَرَّ أدْمُعِي

أحسن منه قول ابن النبيه:

تعلّمتُ علمَ الكيمياء بحبِّه ... غزالٌ بجسمي ما بعيْنيه من سُقْمِ

فصعَّدتُ أنفاسي وقطَّرتُ أدْمُعي ... فصحَّ من التَّقْطير تصغيرةُ الجسمِ

وللشهاب الخفاجي:

في بُكائِي راحةٌ من شجَنِي ... بعد يأْسٍ من أمانٍ يُطمعُ

فكأن الحزنَ من نار الجوَى ... ذاب حتى اسْتقْطَرتْه الأدْمُعُ

وله:

أيا شاهراً سيْفاً يُشابه لحْظَه ... يصُول به ضَرْباً وموقعُه القلبُ

دعِ السيفَ وانظر نحْو مَنْ رُمْتَ قتْلَه ... فعيْناك كلٌّ منهما صارمٌ عَضْبُ

وله:

دَائِيَ الحبُّ والأماني طبيبي ... والنَّوى والفِراقُ من عُوَّادِي

ودوائي ذكرُ اللِّوَى وسَميري ... ضَيْفُ طيفٍ مُوكَّل بسُهادِي

وله:

بِي ظَبْيُ إنْسٍ لاح في قُرْطُقٍ ... قد فضح الدُّرَّ سنَا ثغْرِه

ما فيه من عيْبٍ سوى أنه ... أشْبَهَ جسمِي بِضنَى خَصْرِه

وله:

تحجَّب البدرُ من غَيْمِ الصدودِ وفي ... ليلٍ من الهجرِ عن مأسورِ ألْفاظِه

ومرَّ يبخلُ حتى بالسلام ترى ... مِنْ خَوْفهِ لَقْط سمعي دُرّ ألْفاظِه

وله:

كأنَّ مَبْدَأَ نَبْت الشَّاربَيْن وقد ... بدا على شفَةٍ شطَّتْ عن الدَّنِفِ

زُبانَيَا عقْرَبَيْ صُدْغَيْه قد حمَتَا ... رحيقَ ريِّقهِ عن رشْفِ مُرْتشِفِ

وله:

فديْتُك رَابني الإعراضُ عنِّي ... ولم أعرفْ له سببتاً وحقِّكْ

سوى أنِّي المقيمُ على وِدادِي ... وأنِّي يا حبيبي عبدُ رِقِّكْ

وله:

إذا زارني ليلاً مَخافةَ عاذلٍ ... وأسْفر وجْهاً صار صبحاً بغُرَّتِهْ

وإن زارني صُبْحاً وأرْخى غدائراً ... على الوجهِ صار الصبحُ ليلاً بطُرَّتِهْ

وله:

وبدرٍ حكَتْه الشمسُ عند شروقِها ... إذا غرُبتْ في فِيه والليلُ سابلُ

إذا ما تثنَّى قَدُّه وَسْطَ روضةٍ ... تخِرُّ له الهِيفُ الغصونُ الموائلُ

وله:

لمَّا غدا جِيدُك الحالي بعِقْدِك من ... قلائدٍ وعقودٍ عاطلَ الْخالِ

دمِي تقلَّده ظلْماً ألسْتَ ترى ... نَقْطاً عليه دمى سَمُّوه بالْخالِ

وله:

ودَّعَني مَن نواهُ أوْدَعنِي ... شَوْقاً يزيد الفؤادَ نِيرانَا

<<  <  ج: ص:  >  >>