للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى إذا حَمِىَ الوَطِيس لدى الوغى ... لم تْلقَ إلا باسلاً مُستبْسِلاَ

أنِفتْ سيوفُهمُ الغُمودَ فلا ترى ... إلا صَقِيلاً في نَجِيعٍ أنْهلاَ

سالتْ به البَطْحاءُ حتى لا ترى ... طِرْفاً بغير دمِ الرَِّقاب مُحجَّلاَ

من كلِّ عِلْجٍ ذاهلٍ عن نفسِه ... إذ لا يرى مَنْأًى ولا مُتحوَّلاَ

مُلِىءَ اللعينُ مخافةً لمَّا رأَى ... في الحربِ شدَّتَهم وزاد تَزَلْزُلاَ

فغدا يُنادِى حسرةً وتأسُّفاً ... يا ويْلتاه العمرُ ضاع سَبَهْلَلاَ

من بعد ما قد شَبَّ نِيرانَ الوغَى ... بغُرورِه تَعْساً له ما أشْعلاَ

عدَّ الهزيمةَ والفِرارَ غنيمةً ... أنِفَ الإقامة خوف أن يُستأصَلاَ

أوَ ما يحقُّ له الفرارُ وقد رأى ... مالا يُطيقِ من الغُزاةِ تحمُّلاَ

جلَب الغُزاةُ بخيْلهم وبرَجْلهمْ ... جَلْباً عليهم ما أشدَّ وأقْتلاَ

فعُلوجُهم جَزْرُ الظُّبا ونساؤُهم ... أسْرَى تِئُّن تذلُّلا وتهوُّلاَ

تبكي عليهنَّ البَطارِقُ حسرةً ... كالوُرْقِ في جُنْح الدجى وتمَلْمُلاَ

وبقيَّةُ الأسياف منهم شذِّبوا ... أيْدي سَبَا تخِذُوا الهزيمة مَعْقِلاَ

ما ضَرَّهم لو سالُموا من قبلُ أو ... أدَّوْا كما شُرِع الخَراجُ تبَذُّلاَ

ما كان قيصرُ أو هِرَقْل وتُبَّعٌ ... أو سيفُ ذِي يَزَنٍ وكسرى أوَّلاَ

وهلُمَّ جَرًّا مثل أدْنى خادمٍ ... لخليفِة الله المعظَّم ذي العُلَى

ملكُ الورى أسَدُ الشَّرَى سامي الذُّرَى ... حامِي حِمَى الدينِ القويم المَوْئِلاَ

شمسُ المعالي ابن بَجْدَتها الذي ... قد حلَّ في أوْج السعادة واعْتلَى

ملكٌ علا في المجد أعْلَى رُتبةٍ ... أنِفتْ تكون له الثُّريَّا منزِلاَ

تعْنُوا ملوكُ الأرِض قاطبةً له ... أبداً وتسعَى خِيفةً وتذَلُّلاَ

تخْشى سطاهُ الأُسدُ في آجامِها ... فتذوبُ منه تضاؤُلاً وتغَلْغُلاً

قسَما بطَلْعته ألِيَّةَ صَادقٍ ... في حَلْفه بَرِّ اليمينِ إذا ائْتلَى

لم تسمحِ الأيامُ قطُّ بمثلِه ... ملِك تعمَّم بالتقى وتسَرْبَلاَ

لم يُحْصِ مادحُه جميلَ صفاتِه ... كلاَّ ولو أفْنَى القريضَ تسلسُلَا

لم يأْلُ جهداً في الجهاد ولم يزلْ ... يسعَى بإرسالِ الجيوش مُكمَّلَا

في نُصْرة الدين المُبين مجاهداً ... بَرّاً وبحراً للعساكر مُرسِلَا

عن حَوْمِة الإسلام ذَبَّ عِداتِه ... وأباد عُبّادَ الصليبِ وزَيَّلاَ

ما زال يْضرَع في الدعاءِ لربِّه ... سِرّاً وجَهْراً مُجْمِلاً ومفصِّلَا

مُتوجِّها بخُلوص قلبٍ صادقٍ ... فيما انْتحاه تضرُّعاً وتبُّتلَا

فأتْته بُشْرى التح وهو مُلفَّعٌ ... ثوبَ السعادة بالجلال مُسَرْبَلَا

مُسْتيقِناً بحُصوله ومؤمِّلا ... من ربِّه إتْمامَه متوكِّلَا

لا زال تأْتيه البشائرُ دائما ... أبداً وتخدمه المفاخرُ والعُلَى

وأدامه عَوْنا وغَوْثاً للورى ... وحَباه ربُّ العرشِ عمراً أطْولَا

بسَمِيِّه خيرِ الأنام محمدٍ ... والآلِ والصحبِ الكرام ذوِي الولَا

مالاح نجمٌ في السماء لناظرٍ ... وأضاء بدرٌ في الدجى وتهلَّلَا

وله في المدح:

إليك دون الورَى انْتَهى الكرمُ ... ومن أيادِيك تهْطِل النِّعَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>